أنشودة المطر
عیناكِ غابتا نخیلٍ ساعةَ السحَرْ ،
. أو شُرفتان راح ینأى عنھما القمر
عیناك حین تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نھَرْ
یرجّھ المجذاف وھْناً ساعة السَّحَر
... كأنما تنبض في غوریھما ، النّجومْ
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفیفْ
كالبحر سرَّح الیدین فوقھ المساء ،
دفء الشتاء فیھ وارتعاشة الخریف ،
والموت ، والمیلاد ، والظلام ، والضیاء ؛
فتستفیق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشیَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغیومْ
... وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر
.. مطر
.. مطر
أتعلمین أيَّ حُزْنٍ یبعث المطر ؟
وكیف تنشج المزاریب إِذا انھمر ؟
وكیف یشعر الوحید فیھ بالضّیاع ؟
بلا انتھاء – كالدَّم المراق ، كالجیاع ،
! كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – ھو المطر
ومقلتاك بي تطیفان مع المطر
وعبر أمواج الخلیج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنھا تھمّ بالشروق
. فیسحب اللیل علیھا من دمٍ دثارْ
أَصیح بالخلیج : " یا خلیجْ
" ! یا واھب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى
فیرجعُ الصّدى
: كأنّھ النشیجْ
یا خلیج "
" .. یا واھب المحار والردى
أكاد أسمع العراق یذْخرُ الرعودْ
ویخزن البروق في السّھول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنھا ختمھا الرّجالْ
5
لم تترك الریاح من ثمودْ
. في الوادِ من أثرْ
أكاد أسمع النخیل یشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمھاجرین
یصارعون بالمجاذیف وبالقلوع ،
: عواصف الخلیج ، والرعود ، منشدین
... مطر "
... مطر
... مطر
... سیُعشبُ العراق بالمطر
. في عالم الغد الفتيّ ، واھب الحیاة
.. ویھطل المطرْ
بدر شاكر السياب
†♥♫ نورا ♫♥†; توقيع العضو |
|