الصلاة غير المستجابة
لقد وعد الرب وكرر هذا الوعد مرات كثيرة في الكتاب المقدس فيقول في آيات متعددة في أنجيل يوحنا (يو ١٣:١٤): «ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله» وأيضاً «لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي» (يو ١٦:١٥). ويقول أيضاً«الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم باسمي يعطيكم»(يو ٢٣:١٦).
ولا شك في أن يسوع كان صادقاً في هذه الوعود الرائعة. ولكن المشكلة تكمن في أن البعض يرى هذه الوعود وكأنها غير حقيقية، وغالباً عندما يحثنا الواعظ على التمسك بمثل هذه الوعود في حياتنا الشخصية فإننا نسمعها بانبهار ولكن لا نتمسك بها.
وليست المشكلة هنا في عدم ثقتنا في هذه الوعود، فمن السهولة أن لا نصدق وعوداً مثل هذه. ولو كنا صادقين مع أنفسنا لكان كل واحد منا يدرك أن الله أحياناً لا يستجيب لصلواتنا. وفي الحقيقة هو لا يستجيب لصلواتنا لأننا في كثير من المرات نطلب أشياء متناقضة.
لا شك في أن كل واحد منا قد اختبر الصلوات غير المستجابة، فقد تطلب من الله أن يفعل لك شيئاً معيناً وتظن أنه لمجده، وتصلي بإيمان وثقة والله لا يستجيب لك. ومن بين الصلوات الكثيرة التي في بعض الأحيان لا تجد استجابة، الصلاة من أجل الشفاء. أعرف كنيسة مرض أحد أعضائها، ورفعت الكنيسة كلها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله، وكان كل الشعب له الإيمان الواثق وينتظر تحقيق المعجزة، ولكن مات الرجل. وعدد كبير تشكك في إيمانه، فلقد طلبوا من الله بإيمان أن يفعل شيئاً باسم المسيح ولم يفعل، لقد ظنوا أن وعد يسوع غَيرُ حقيقي أو ربما الإيمان المسيحي بالكامل غير حقيقي.
ماذا يقول أولئك المسيحيون عن شخص مات بالسرطان بالرغم من كل الصلوات التي كانت تُرفع من أجله؟ فهل سيقولون إنه حي وفي حالة أفضل ولكن بسبب ضعف إيمانه يبدو أنه ميت؟
إن مثل أولئك المسيحيين لا يحتاجون إلى مزيد من الإيمان ولكن إلى الحكم الصائب على الأمور.
إن السبب الرئيسي الذي يعوق استجابة الصلاة وجود خطية في القلب. إن وعد يسوع يتحقق لمن يعيش في ملء وقوة الروح القدس. والمسيحي الذي يعيش تحت سلطان الجسد، وفي قلبه خطية لم يعترف بها هو نفسه يفقد الثقة في استجابة صلاته. يقول كاتب المزامير:«إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب» (مز ١٨:٦٦).. إن وعد يسوع مقدم للمؤمن الثابت في المسيح، ويعيش الوصايا، ويسلك في النور، وممتلئ من الروح القدس، ويحب الإخوة. وعندما نفكر في هذه الأمور سنجد أنه بنعمة الله فقط تستجاب صلاة أي شخص منا.
الكثير من صلواتنا لا تجد استجابة لأن دوافعنا غير صحيحة، فمعظم صلواتنا تتركز حول الذات (أعطني، أعطني، أعطني). نعم لقد وعد يسوع «اسألوا تعطوا...» (مت ٧:٧). ولكن الرسول يعقوب يشرح لقارئيه قائلاً:«تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في لذاتكم»(يع ٣:٤).
لقد وضح يسوع مراراً وتكراراً أن الصلاة المُستجابة هي صلاة الإيمان. فلقد قال لتلاميذه:«لذلك أقول لكم ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم»(مر ٢٤:١١).
أحياناً كثيرة لا نجد استجابة لصلواتنا لأننا بصراحة لا نطلب بجدية. إن جاز التعبير أقول إننا نصلي بعشوائية، وقد نتذكر بصعوبة بعد ذلك أن نسأل الشخص الذي صلينا من أجله عن مدى الاستجابة، إننا في الحقيقة لا نهتم.
لا شك في أن الصلاة الجادة الخارجة من القلب تجعل الله يصغي إليها ويتجاوب معها. إن أعظم الصلوات المستجابة في الكتاب المقدس التي وجدت استجابة يرجع إلى السبب الرئيسي لجدية من رفعوها والمثال الأروع هو الرب يسوع نفسه الذي كتب عنه أنه قضى الليل كله في الصلاة.
إننا كثيراً ما نصلي من أجل أمور غَيرِ صحيحة، فيكون ما نريده يختلف تماماً عما يريده الله، وتنحرف صلواتنا بعيداً عن مشيئته فلا نجد استجابة. علينا أن ندرك أن صلواتنا لا يمكن أن تُستجاب إلا إذا كانت تتفق مع إرادته.
إن الحقيقة الهامة هي أن المسيحية هي ديانة حقيقية، ولو كانت هناك احتمالات لغير هذا لما أصبحنا مسيحيين، ونحن نصلي ونضع ثقتنا في وعد الله.
إذاً فكيف أصلي؟
هل تصلي لأن هذا هو المفترض من كل إنسان أن يصلي، أم انك تقصد شيئاً معيناً من الله؟ إذا كنت كذلك دعني أقدم لك بعض الاقتراحات:
إن كنت تعيش من قبل حياة الصلاة ولكن لديك بعض المشاكل من خلال صلوات غير مستجابة، فأنت إذاً تحتاج أن تثق في إرادة الله الصالحة والمرضية والكاملة والتي تعكس معرفته بكل شيء. فحتى وإن كنت تطلب خبزاً فيعطيك حجراً (مت ٩:٧) أو سمكة فيعطيك حية (لو ١٢:١١). فلتدرك أنه يعطيك بحسب إرادته الصالحة، وأن هذا لخيرك.
ربما تنال ما تصلي من أجله دائماً، فلتدرك أن الله يعلم الأفضل لحياتك ولمستقبلك، وربما يريد أن يعلمك أن ما تحتاج إليه أولاً هو ملكوته. فدرّب نفسك على الثقة فيه وفي محبته.
إن الصلاة عمل شاق وممتع، ووعود الله لنا عظيمة، لذلك دعنا نثابر في الصلاة مُمسكين بهذه الوعود.
منقول