لفتة: في الهملايا واجهت الموت وبالقطب الشمالي كاد يأكلني الدب

رجل لديه من الحكايات المشوقة الكثير، رياضي غير عادي، فضى حياته في المغامرة والمجازفة الخطرة التي تقترب من الموت المحقق، لكنه يتسلح بدعاء امه ويسير نحو الخطر، له اراء مثل حكايته تمتلك الظرافة والطرافة في آن واحد، وازاء كل ذلك فهو رجل هاديء جدا، لا يمكن حين تراه لاول وهلة ان تصدق انه روح من مجازفة ولا يأبه بركوب الصعاب، امنيته ان يكون رائد فضاء وطموحه ان يطير بالبالونات من بغداد الى البصرة .

إيلاف التقت متسلق الجبال العراقي فريد لفتة ووجهت له اسئلة عدة فيما يلي اجاباته عليها:

العراقي فريد لفتة

* من انت ؟

-أنا الكابتن .. فريد لفتة ، عراقي ولدت في مدينة الثورة ببغداد ، وعشت في مدينة العمارة (محافظة ميسان) وعدت الى بغداد ، من مواليد 1978 ، درست علوم كيمياء في كلية العلوم / جامعة بغداد ، غادرت العراق سنة 2004 ومارست الانشطة الرياضية والمغامرة وما الى ذلك .

* ولقب كابتن ، من اين اتى لك ؟

- انا كابتن طيار ، حصلت على شهادتي من اكاديمية الامارات للطيران ، لكنني لم امارس عملي ، علما انني في بداياتي كان همي ان اكون قبطان (كابتن طيارة) ، ولكن عندما دخلت هذا المجال شاهدت امامي الكباتن الطيارين ، فوجدت ان الطيار حاله حال (سائق التاكسي) ، يسوق الطيارة التي تحمل الركاب ومن ثم يعود بها ، لا يوجد شيء مثير فيه، فقلت انني اريد ان اعمل شيئا مثيرا لاسيما ان همي الاول كان ان اكون استئناء .

* متى بدأت روح المغامرة لديك ؟

- منذ كان عمري سنتين !!، وكنت اعتقد نفسي (طيرا) فكنت آكل من الماعون دون ان استخدم يديّ ، وكنت احاول ان اطير وكنت لا اتكلم ، والجماعة في مدينة العمارة ارسلوني الى اشخاص يضربونني من اجل اخراج (الجني) في داخلي، وبعد سنة قلت لهم : انا لست طيرا ، لاتخلص من الضرب ، فقلت مع نفسي ان لم اكن انا طيرا فلابد لي ان اطير في يوم ما !!، وكانت اول محاولة للطيران وانا في عمر خمس سنوات اصعد على (الكنتور) الذي هو (دولاب الملابس العمودي) واقفز من فوقه طائرا، وهكذا .

* من اين اتاك هذا الحب للمغامرة ؟

- شيء فطري من الله ، فأي شيء كنت افهمه وانا بعمر سنتين مثلا، كما ان المنطقة التي نعيش فيها كانت منطقة معزولة وليس فيها اي تأثير خارجي ، ولكن اعتقد انه محرك داخلي هو الذي خلاني اتجه الى هذا الطريق ، صحيح انا قننته فيما بعد ووضعته في مسار معين بحيث من الممكن ان احصل على نتاجات منه ، وهذا الاهم في الموضوع: ان يحدد الانسان مسارا معينا للديناميكية التي يمتلكها للحصول على نتائج، ان لم تكن اعتيادية فمقبولة .

* ما اول مغامرة قمت بها ؟

- كانت لديّ دراجة نارية ومارست رياضة رفع الاثقال وصرت بطلا في اللعبة وشاركت في بطولات دولية لكنني فيما بعد تركتها ،

* كم بقيت ككابتن طيار ؟

- لم أبق كثيرا ، يمكن سنة واحدة ، من 2006 الى 2008 ، ولكنني اتجهت الى امور كثيرة مثل قفز المظلات والطيران الشراعي والغوص والغوص الحر .

* ما أول مغامرة احسست معها بصعوبة ؟

- انا ابدأ من المحلية ، بل بدأت بالعالمية مباشرة ، فكانت اول مغامرة حقيقية فيها خطورة كثيرة ومسؤولية ، حين اتجهت الى روسيا في الشهر الثامن عام 2008 وكان لدي معسكر تدريبي عن طريق الجهة الراعية لمشروع (قمة ايفريست) التي هي اعلى قمة في العالم ، ومن ثم خرجت مع المجموعة ، وكانت قاعدة جوية عسكرية (ايرو كراد) ، واكملنا والتقيت مع بقية الوفود المشاركة في كاتماندو عاصمة النيبال ، وكانت هنلك تحضيرات ومؤتمر صحفي ومن ثم غادرنا كاتماندو بعد ثلاثة ايام الى سلسلة جبال الهملايا ، وبدأنا نتسلق من (لوكلا) الى (ساين بوتشي) ومن ثم الى نامجي بزار) والى (فريجي) التي وصلناها بعد 30 يوما من التسلق ، ثم نزلنا الى (ساين بوتشي) وهو سفح جبل ايفرست ووجدنا هناك طائرة سويسرية تنتظرنا ، وطرنا بهذه الطائرة محلقين فوق قمة ايفرست ومن ثم قفزنا بالمظلات ، فكانت هذه اول تجربة للبشرية على الاطلاق بالقفز فوق قمة ايفريست ، وهذا يعني ان لفريق كله دخل موسوعة غينيس للارقام القياسية .

* كم كان عددكم وكم صمد منكم ؟

- كنا 48 شخصا ولكن الذين نجحوا كانوا 15 فقط ، من جنسيات اوربية وامريكية ، ولكن كان في خدمتنا نحو الاف شخص من جيش ومدنيين ، مشروع تسلق قمة ايفريست ليس جديدا وهناك كثيرون تسلقوا القمة ، ولكن التحدي كان : من يقفز فوق قمة ايفريست ؟ لم يتجرأ احد الى عام 2008 اي احد للقفز فوق هذه القمة ، ونحن بصراحة كنا مثل فئران تجارب ، يمكن ننجح ويمكن ان لا ننجح ، وهذا الذي حدث ان الكثيرين لم ينجحوا ،بعضهم انسحب وبعضهم حدثت له اصابات ونحن الحمد لله نجحنا دون اصابات وحققنا الهدف .

* هل كان معكم عرب ؟

- انا العراقي الوحيد ، وعلى حد علمي كنت العربي الوحيد ، ومن الطريف انهم ما كانوا يقتنعون انني عراقي بل يقولون انني اسباني ، والى حد اخر لحظة يقولون هذا ، ولا اعرف كيف اقنعهم ، احكي معهم بالعربي ، فلا يفهمون العربية ، ونحن في وقتها عندما غادرنا الى النيبال لم تكن جوازات السفرمعنا ، وثار التعارف هناك .

* كيف انضممت الى فريق قمة ايفريست؟

- كان الامر عن طريق المصادفة ، كان بطل العالم موجود ستيفان ليك ، هو مدربي الذي فتحت لي الافاق كلها ، للمشاركة في القفز فوق القمة ، وقمة ايفيريست هي التي فتحت لي الافاق كلها ، انا لولا القمة لما فتحت لي الافاق هذه ، ومن خلالها اصبحت لدي علاقات قوية جدا بالاضافة الى الاعلام ، فعرضوا علي ان اكون هناك واقوم بقفزة سلام ففوافقت ، علىالرغم من ان الفكرة تعرقلت ، فعندما وصلنا الى نقطة الصفر التي هي محور الدوران كان الجو سيئا وهناك فتحات كثيرة في المحيط ، لانه ليس ارضا بل محيط منجمد ، والدب القطبي صادف ان كان توا مستيقظا من السبات ، فالموضوع كله خطر ، وقالوا لن نسمح لك ان تقفز ، ولكن بعد نقاش لمدة ست ساعات وبعد ان قمت بالتوقيع على اوراق كثيرة وتعهدت ان المسؤولية مسؤوليتي قفزت ونجحت ، كان على السطح اشياء كثيرة ولكن يبدو ان دعاء الوالدة هو الذي حماني .

* اية صعوبات عانيت هناك في هذه المغامرة ؟

- قمة ايفريست ، حيث كانت هناك صخور وثلوج ودرجة الحرارة 65 تحت الصفر ، والمشكلة التي صارت هي ان المعدات جاءت من اميركا كلها هي والبدلات ، البدلة الوحيدة التي ليس فيها علم البلد للمشارك هو انا ، وجاءت البدلة تحمل اسمي فقط ، والسبب كما اعتقد ان ترشيحي تم من خارج العراق وليس من داخل العراق ، يعني ما كان تمثيلي للعراق بشكل رسمي ، وفي الهملايا بوذيين ولديهم طريقة وضع قطع من القماش للتبرك ، فأنا اخذت منها وصنعت لي علما يدويا صغيرا ، ولان هناك في الاعلى لا توجد حضارة ولا اي شيء ، وكان معنا (الفوكس نيوز) فأخذت منهم قلما ازرق اللون فكتبت (الله اكبر) ، وحملت العلم ، وكنت احمل علما كبيرا معي ، والشيء الاخر .. ان كل المشاركين جاءتهم النظارات العاكسة وهي جميلة جدا زرقاء ، ما عدا انا كان نصيبي نظارة شفافة غير جميلة ، ووقتها زعلت فقالوا هذا حظك !!، ولكن لم اكن اعلم ان هذه النظارة هي التي ستنقذني من الموت .

* كيف ذلك ؟

- عندما صعدنا الى الطيارة ، كانت الوقت ساعة وربع الساعة من الاقلاع الى ان وصلت فوق قمة ايفريست، على الرغم من ان المسافة قصيرة جدا ولكن لان الهواء خفيف والطائرة مروحية ، فالتسلق كان بطيئا جدا ، وما كنا نستطيع ان نستخدم قناني الاوكسجين المربوطة علينا لانها تنفد ، فوضعنا قناني اوكسجين في الطائرة لنستخدمها ، وعندما نقفز نبدلها ونفتح القنينة ، فأنا قبل دقيقتين اشار الينا الطيار فبدلنا الانابيب ، كان هناك هواء ولكن ليس هناك اوكسجين ، فنحن نتنفس بشكل طبيعي ولكن بلا اوكسجين ، وبما انني اتنفس فقد نسيت ان افتح قنينة الاوكسجين الخاصة بي ، فحدث لي ان اختفت الصورة امامي ، ما عادت هنالك الوان ، صرت اشاهد الاشخاص والاشياء والطيارة بالاسود والابيض ، غابت الالوان ، ثم بدأت اشعر وكأن شيئا ينسلخ من جسدي ولكن من يديّ ورجليّّ ، فلم استطع ان اتحرك ، وحاولت ان استغيث او اطلب النجدة ولكن لا استطيع ، فما عدت اسيطر على جسدي ، فكان امامي صديقي فيبدو انه شاهد عيوني عبر النظارة الشفافة فعرف ان عندي مشكلة ففتح لي الاوكسجين ، وعندما نزلنا قال لي : انا في حياتي لم اشاهد عيونا في الطول ، وعندما شاهدت عيونك هكذا شعرت انك في مشكلة وعرفت ان الاوكسجين غير مفتوح ، وهذا ما انقذني ، وبالفعل انا شاهدت ملك الموت بعيني هناك .

* اهم احتفاء ؟

- كثيرة كانت الاحتفاءات بي ولكن اهم احتفاءين ، واحد في امارة موناكو ، عندما اصبحت بطل العالم للسلام والرياضة في الشهر الحادي عشر سنة 2011 ، والثاني في الثالث من الشهر الاول عام 2012 عندما قام الهلال الاحمر العراقي بتنصيبي سفيرا للنوايا الحسنة .

* بماذا تفكر به الان وانت في العراق ؟

- لدي مشروع اسمه (لنحلق من اجل مستقبل العراق) ولكن حصلت له بعض المعرقلات ، وفكرة الموضوع ان اطير بنفاخات عادية (بالونات) من بغداد الى البصرة ، كما في فيلم (up) ، وسبب العرقلة لان المشروع عالمي ضخم ، ولا نستطيع التنسيق مع كل الوفود ، هناك وفد يرغب في المجيء ولكن وفدا اخر يقول لا يناسبني الموعد ، ونحن نريد حضور كل الوفود ، ولانه لصالح اطفال العراق .

* الا تشعر بالخوف ؟

- هذا عملي ان اجازف .

* الم تطلب منك امك ترك المغامرات ؟

-الله يساعدها ، ما قالت لي اترك ولكنها تدعو لي كثيرا بالسلامة .

* الى اي شيء تطمح بعد ؟

- لا حدود لطموحاتي ، انا امنيتي الاولى والاخيرة ان اكون رائد فضاء عراقي حقيقي وان اطلع الى الفضاء ، ومن الان الى عشر سنوات فالمواصفات موجودة لدي، ولكن بعدها بالتأكيد لا .

* لماذا لم تحاول مع الروس ؟

- حاولت معهم ، وهذا واحد من اسباب تبنيهم لي ، وكانوا يريدون ان يكون لهم موطيء قدم في الصورة العراقية ولكن ما صار .

* هل ثمة مغامرات اخرى لا تقل خطرا ؟

- بعد ان انتهيت من الهملايا.. عدت الى الامارات ، وقمت كذلك بتحقيق رقم ثاني للشرق الاوسط ، حققت 25 قفزة مظلية في يوم واحد في امارة ام القيوين ، بدأت من الساعة السابعة صباحا الى الساعة السابعة ليلا بدون توقف ، بعدها ذهبت الى روسيا وتدربت على الفضاء واصبحت اول رائد فضاء عراقي مؤهل ، طلعت على حدود الفضاء الى حدود 90 ألف قدم في طائرة مقاتلة (ميك 29) ، وذهبت مع ابطال العالم في استعراضات عسكرية جوية بطائرة مقاتلة ، ثم مثلت العراق في بطولة امم اسيا بأندونيسيا للقفز بالمظلات ، وكذلك كأس الخليج الاولى في دبي ، واول اولمبياد عسكري في سورية ، وبطولة العالم في مونتينغرو عام 2010 ، وقمت بافتتاح هذه البطولة ، وذهبت سنة 2011 الى القطب الشمالي ، كنت اول عراقي يصل الى القطب الشمالي وقفزت فوق القطب الشمالي ، كنت بمعية البحرية الروسية ، وانا اول مدني يصعد على ظهر سفينة نووية عسكرية في العالم ، هم يستقطبونني .

* هل من موقف ظريف صادفك ؟

- كثيرة هي المواقف الظريفة ومنها في القطب الشمالي ، بعد قلت (لا ) العراقية ، ولابد ان اقفز ، فطالبونا بعدم القفز حذروني من الدب القطبي الذي وزنه اكثر من ثلاثة اطنان ، ولا اعتقد انني اموت لمجرد ان يعمل لي شيئا بل بنظرة فقط ، كما انه منذ 8 اشهر في سبات وهو الان جوعان بمعنى الكلمة ، فقالوا لي ستموت ، واذاما تخلصت من الدب فهناك الفتحات فربما تسقط فيها وتحدث لديك صدمة قلبية ، فقلت لابد ان اقفز ، المهم انهم في الطائرة اعطوني مسدسا اذا ما ظهر لي الدب القطبي ، وطبعا غير مسموح لي فتح النار عليه بقدر ما ارمي فوقه، وقبل ان اقفز وكانوا يؤكدون على اخافتي من الدب القطبي ، قلت لهم : اعطوني ملحا ، فقالوا لماذا ؟ فقلت : حين يأكلني الدب وانا مملح ولا يقول انني (ماصخ) !!.

* ما ابرز شخصية قابلتها ؟

- يمكن القول انه سمو الامير البرت امير موناكو ، و عبد الكريم عبد الجبار لاعب كرة السلة العالمي ، وهشام الكروج العداء المغربي ، وهذه ليست لقاءات عابرة بل حوارات وصداقات ، والامير البرت لدي معه مشروع شراكة بيننا عن طريق منظمته (السلم والرياضة) فأشتغلنا معا في افغانستان ، حيث ذهبت الىكابل وبقيت هناك اسبوعين وقفزت من اجل السلام ، وحصلت على جائزة حمامة السلام الذهبية من الخارجية الالمانية على اثرها .

* ما دمت مقيما في الامارات وكل شيء هناك لديك متاح ، فلماذا تأتي الى العراق ؟

- انه بلدي ، واذا انا اتخلى عن العراق وغيري يتخلى ، فهذا غير صحيح ، ثم انا احب العراق وحنيني الى العراق لا ينتهي ، ولكن انا احس ان سبب نجاحي هو العراق ، يعني لو لا انني عشت في ظرف صعب ، ولولا انني عشت انقطاع السبل في العراق ، لما تحفزت لاكون ناجحا ، ثم ان اهلي واصدقائي واساتذتي عراقيون ، وهم اسهموا في بناء شخصيتي ، وبالتالي هم سبب من اسباب نجاحي ، وليس من الصحيح انني حين انجح اتنكر لهم وللعراق، بالاضافة الى ان العراق عندما تستعرض تاريخه تجده مليئا بالمآسي وبالتراجيديا ، يعني انه مظلوم شعبا وارضا ، فما اجمل ان نأتي له بنفحة امل او بصيص ضوء او حمامة سلام او رمز سلام

مختار الساتي; توقيع العضو

» نذر حرب بشبه الجزيرة الكورية اثر تبادل قصف بين شطريها الشمالي والجنوبي
» أول مسجل في الدوري الألماني يختار الموت الرحيم
» انفوكراف: ام النوم او الموت
» خاطرة عن حب لا يعرف الموت >>>>>>>>>>
» ايها الموت اين شوكتك ؟؟؟؟؟؟؟

لفتة: في الهملايا واجهت الموت وبالقطب الشمالي كاد يأكلني الدب

لفتة: في الهملايا واجهت الموت وبالقطب الشمالي كاد يأكلني الدب

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة