يجتاز جنود عراقيون ترافقهم عربات مصفحة سحبا من الدخان الناجمة عن انفجارات قريبة، ثم يتوقفون لتفقد الضحايا، قبل ان يفتحوا النار في منطقة صحراوية جنوب بغداد على قوات عدوة تظهر فجاة امامهم.
ورغم ان الانفجارات ليست سوى محاكاة لنيران مدفعية، والقوات العدوة هي مجرد اهداف للتدريب العسكري، يشير الغبار المتصاعد من ارض التمرين الى ان معظم طلقات الرصاص لا تصيب اهدافها.
وفيما يقود امر سرية عراقي الجنود خلال التمرين في القاعدة العسكرية الضخمة في بسماية، يرسم مقاول مدني سيناريو المعركة حيث يامر برفع الاهداف وانزالها، وسط اصوات طلقات رشاشات ال50 ملم المتمركزة فوق عربات ال"ام 113"، ورشاشات ال"ام 16" في ايدي الجنود.
ويمثل هؤلاء المتعاقدون الذين يساعدون الجنود العراقيين ايضا على تحضير المناورات وتقييم التدريبات، طلليعة الجهود الاميركية لتدريب القوات العراقية.
وانهارت في 2011 مفاوضات بين بغداد وواشنطن لابقاء بعثة تدريب اميركية بعد الانسحاب الذي تم نهاية العام الماضي، وذلك اثر رفض السلطات العراقية توفير حصانة للمدربين الاميركيين ضد الملاحقات القضائية.
الا ان القوات الاميركية اسست مكتب التعاون الامني مع العراق، وهو عبارة عن مجموعة من 157 من الافراد العسكريين الذي يعملون تحت سلطة السفارة الاميركية، بدعم من 600 متعاقد مدني غالبيتهم من الجنود المتقاعدين.
وتعمل هذه المجموعة مع الجيش العراقي على كل المسائل المتعلقة بالتمرين العسكري، بداء بالتدريب على معدات جديدة مثل ناقلات الجنود المدرعة الاميركية "ام 113" ودبابات "ابرامز ام 1"، ووصولا الى التعليم العسكري.
ويرى اللفتنانت جنرال روبرت كاسلن الذي يراس مكتب التعاون الامني ان "العراف يرتاح لهذا النموذج من العمل، وهو الحصول على تدريبات وارشادات نوعية يحتاجونها بشدة، في ظل تواجد عسكري اميركي رسمي اقل، وفي مقابل انتشار اوسع للمتعاقدين".
ويقول كاسلن لوكالة فرانس برس انه ستكون هناك زيادة في اعداد الجنود الاميركيين المعنيين بهذه التدريبات بدءا من الصيف المقبل، وهي زيادة من المتوقع ان تتراوح بين 260 و270 جنديا.
وكان انشاء مكتب التعاون الامني امرا محسوما، الا انه بات يثير اهمية اضافية اذ انه بات المرجع الوحيد للتدريب بعد انسحاب القوات الاميركية بالكامل.
ويوضح كاسلن انه "في الوقت الذي اصبحنا فيه القوة العسكرية الوحيدة هنا، والتي تملك القدرة على توفير ما يطلبه العراق من تدريب وتثقيف امني، فان الطلب علينا يصبح اكبر".
وبحسب كاسلن، يتركز عمل الجنود الاميركيين في مكتب التعاون الامني على "جلب معدات عسكرية جديدة، والعمل على قضايا التمويل والتنظيم وامور اخرى من هذا القبيل"، كما ان بعضهم يتاكد من الاجراءات الامنية ويشرف على التدريب.
وتابع "عموما، نريد ان نرى عراقا قادرا على توفير الامن اللازم للدفاع عن نفسه ضد التهديدات الخارجية، وكذلك على الوقوف ضد التهديدات الداخلية لحماية الشعب (...) وان يصبح شريكا مسؤولا في مسالة الامن الاقليمي".
وتشكل مسالة توفير تدريبات على نطاق واسع للقوات العراقية، في ظل عدم وجود قوة اميركية كبيرة في العراق، تحديا حقيقيا، الا ان مكتب التعاون يعتمد طرقا مختلفة للتعامل مع هذه المسالة.
ويشير كاسلن الى برنامج لتدريب الكتائب العسكرية حيث "ياتي العسكريون قبل اسبوع من تنفيذ خطة التدريب التي تستمر 60 يوما، لذلك نقوم بتدريب هذا الفريق، وقائد الكتيبة وافرادها على كيفية اتخاذ القرار العسكري وغيرها من المسائل".
ويضيف "نعمل مع قيادة المنطقة الوسطى الاميركية على القيام بتدريبات مشتركة في المنطقة"، مشيرا الى تمرين سيجري في ايار/مايو في الاردن وتشارك فيه القوة الجوية العراقية وقوات مكافحة الارهاب.
وردا على سؤال حيال الاحتياجات الرئيسية للقوات العراقية، يقول كاسلن "اعتقد انهم على الطريق الصحيح الآن لتطوير قدراتهم في التعامل مع التهديدات الخارجية من اينما تاتي".
وكان مسؤولون عراقيون واميركيون على حد سواء، بينهم كاسلن، حذروا في كانون الاول/ديسمبر الماضي من ضعف قدرات الدفاع العراقية في مواجهة التهديدات الخارجية، كون العراق ظل يركز طوال الفترات السابقة على التحديات الداخلية.
واشار كاسلن الى ان العراق "يشعر بقلق بالغ حول الدفاع عن مجاله الجوي" حيث ان مقاتلات ال اف 16 التي اشتراها من الولايات المتحدة لن تكون جاهزة للعمل قبل سنوات، و"ستخلف فجوة".
وفيما يقول كاسلن ان القوات العراقية "تخطو خطوات كبيرة في مجال مكافحة الارهاب"، يشير الى "مشاكل تعترض تطوير القدرات الاستخباراتية".
ويضيف ان القوات العراقية اكتسبت قوة "لكن لا تزال لديهم ثغرات في قدراتهم الاستخباراتية".
مختار الساتي; توقيع العضو |
|