لو أُجريت مسابقة على لقب أقوى رجل في مصر اليوم لانحصرت المنافسة على الأرجح بين المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعدد من القادة الاسلاميين ربما في مقدمتهم القيادي في جماعة الاخوان المسلمين خيرت الشاطر. ولكن القوة الحقيقية التي تقف وراء عرش مصر قد تكون شخصية لم يسمع بها إلا القليلون، وهي قاض ذات شعر أشيب يرتدي نظارات، اسمه فاروق سلطان، كما ترى مجلة فورين بولسي.
ويتولى المستشار سلطان رئاسة المحكمة الدستورية العليا. وبموجب الاعلان الدستوري المصري فهو يرأس أيضا لجنة الانتخابات الرئاسية القادمة. وهذا يمنحه سلطات لا تُمس تقريبا، فالاعلان الدستوري يقول إن قرارات اللجنة ستكون قطعية ولها قوة القانون. ويعني هذا انها لا تخضع للاستئناف من جانب أية هيئة قضائية أخرى.
وتبدت هذه السلطة بشكل ساطع عندما استبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية ثلاثة من أبرز المتنافسين على الرئاسة مع سبعة آخرين. وانتهى موعد استئناف قرار الاستبعاد يوم الاثنين، ولكن الجهة الوحيدة التي لها صلاحية النظر في اعتراضات المرشحين المستبعدين هي الجهة نفسها التي استبعدتهم اصلا، ويجب ان يقتصر الاعتراض على قضايا محدَّدة تتعلق بتأويل النصوص القانونية وتفسير معانيها.
وتثير خلفية المستشار سلطان، قلق العديد إزاء دوره المحوري الجديد في الحياة السياسية المصرية. وحين عينه الرئيس المخلوع حسني مبارك رئيسا للمحكمة الدستورية عام 2009 كتب البروفيسور نيثان براون من جامعة جورج واشنطن، ان تعيين سلطان "أذهل المراقبين" لأن حياته المهنية في مزاولة القانون وضعته في مفاصل مشبوهة من القضاء المصري، هي المحاكم الأشد تعرضا لضغوط نظام مبارك، بحسب مجلة فوري بولسي.
وقال المستشار عامر ميرغني الذي وكله حزب الوسط في قضايا قانونية سابقا ان المستشار فاروق سلطان "ليس لديه المؤهلات الأكاديمية التي لدى العديد من القضاة المصريين الآخرين، وان خلفيته كانت خارج المحكمة الدستورية تماما، وهذا هو الانذار الأول"، على حد تعبير المستشار ميرغني. وأضاف ان سلطان هو "في نهاية المطاف رجل عينه مبارك".
وكانت المحكمة الدستورية بعيدة عموما عن التأثير السياسي في عهد مبارك حتى اوائل القرن الحادي والعشرين، وأصدرت سلسلة من القرارات التي جاءت ضد رغبات النظام. ولكن مبارك تحرك لاحقا، لتحجيم استقلال المحكمة وألغى تقليدا كان يجيز لأعضاء المحكمة الدستورية ان يرشحوا رئيسها. وبتعيين قضاة ممتثلين على رأس أعلى هيئة قضائية، بسط مبارك سيطرته على واحدة من آخر رافعات سلطة الدولة التي أفلتت من قبضته.
وكما قال الأكاديمي براون، من جامعة جورج واشنطن، فان المستشار سلطان "يُنظر اليه من حيث الأساس على انه عُين في منصبه للسيطرة على المحكمة وليس لاصدار قرارات غير مريحة كتلك التي اصدرتها في السابق".
وهناك جانب آخر جدير بالملاحظة. فان سلطان بلغ سن السبعين العام الماضي وهو سن تقاعد القضاة في مصر، ويعني هذا أن عليه ان يتنحى في نهاية السنة القضائية، أي بعد فترة قصيرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكما يعرف الجميع فإن المسؤولين المقبلين على التقاعد يكونون عادة من أقل المسؤولين تأثرا بالاعتبارات السياسية. وعلى المتنافسين على زعامة مصر ان يضعوا هذا نصب اعينهم.
مختار الساتي; توقيع العضو |
|