كيف تحول الشاب الفرنسي محمد مراح الى منفذ هجمات تولوز ومونتوبان؟ هل هناك اخرون يسلكون الطريق ذاته؟ كيف ستنعكس اعتداءاته على المجتمع الفرنسي والقضاء والحريات؟ كلها تساؤلات تطرح بالحاح وتثير انقسامات في فرنسا منذ ان قتل المتطرف الجهادي سبعة اشخاص معلنا انتماءه للقاعدة.
وبعد تبدد الذعر، بدأت مرحلة التساؤلات بمعزل عن التصريحات السياسية والسجالات حول مراقبة الفتى الفرنسي "الجزائري الاصل" الذي تحول من جانح الى "ارهابي اسلامي"، واشتد الجدل وتشكلت معسكرات متعارضة حول جذور المسالة.
ثمة من لا يتصور ان هناك على الاراضي الفرنسي تربة يمكن ان تنتج مثل هذا "الوحش" ولا تجد ما يبرر هذه الظاهرة سوى الجنون.
وقام محمد مراح (23 عاما) بدم بارد بقتل ثلاثة عسكريين فرنسيين شباب يتحدرون مثله من المغرب العربي، ثم اربعة يهود بينهم ثلاثة اطفال.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان "البحث عن تفسير (...) التلميح الى اي تفهم حياله او أسوأ من ذلك، البحث عن ادنى عذر له، سيكون بمثابة خطأ اخلاقي".
وكتب الفيلسوف اندري غلوكسمان في صحيفة لو فيغارو ان "الشر موجود. التقته ميريام مونسونيغو في سن السابعة من العمر"، في اشارة الى الفتاة التي قبض عليها مراح من شعرها في ملعب المدرسة اليهودية في تولوز قبل ان يقتلها برصاصة في رأسها.
وثمة اخرون مثل الباحث كزافييه كريتييه، الذين يسعون ل"طرح بعض الافكار من اجل التأمل في هذا المصنع المرعب للعنف".
وقال كزافييه كريتييه في دراسة نشرتها صحيفة لوموند ان الايديولوجية لا تاتي مفعولها "الا اذا اكدت بنظر الناشط المتدرب وضع ظلم او قمع يشعر به".
وراى الفيلسوف فرنسوا دو برنار في صحيفة ليبيراسيون ان "مثل هذه الاحداث هي تجسيد لخطاب الوصم والتمييز القديم والمتجدد".
ويتم التشديد على كون محمد مراح يتحدر من اصول مهاجرة، كان والده غائبا، وعرف الفشل الدراسي والجنوح والسوابق والفشل الاجتماعي والسجن.
ويشدد القضاة على انهم راوا العديد من هؤلاء الشبان ينحرفون الى الجريمة لكن القاضي جان بيار روزنكسفايغ يرى ان مراح "خارج عن المالوف" مشيرا الى انه "لا ينتهي جميع الفتيان الذين نهتم بهم في صفوف ناشطي القاعدة".
وكتب عالم الاجتماع فيليب روبير وزميلته رونيه زوبرمان انه "من المؤسف للغاية الا يكون قبض على (مراح) حيا" معتبرين ان "نقاشا بين مواقف متعارضة لكان اتاح توضيح مساره".
وحذرت اربعون شخصية في نداء الى المرشحين للرئاسة من ان "الوقت خطير"، داعية الى عدم "تسييس" الماساة.
وقالت سابرينا غولدمان من الرابطة ضد العنصرية ومعاداة السامية "ثمة مخاوف من ان تؤدي هذه الاحداث الى تاجيج الخلط والحقد لدى جميع الاطراف".
واعلن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف) انه لاحظ بعد هجمات تولوز تزايدا في الاعمال المعادية للسامية ولا سيما التهديدات والشتائم.
ومنذ قضية مراح، منع ثلاثة دعاة اسلاميين من دخول الاراضي الفرنسية، ونفذت الشرطة حملة اعتقالات في الاوساط الاسلامية المتطرفة في فرنسا واعلن الرئيس نيكولا ساركوزي عن تشديد الوسائل القانونية لمكافحة الارهاب والتطرف في حال اعادة انتخابات في ايار/مايو.
وبدأ البعض يندد ب"قوانين آثمة" واساءات مسرفة للحقوق والحريات بحجة مكافحة الارهاب.
وراى كريستوف رينيار رئيس الاتحاد النقابي للقضاة انه "ازاء الانفعال، ثمة على الدوام مخاوف من حصول تجاوزات" لكنه لفت الى انه مع بقاء الاجراءات المسيئة للحريات في فرنسا تحت رقابة السلطة القضائية "يفترض ان نبقى على هذا الصعيد ضمن ديناميكية معتدلة".
واعتبر ان الدستور والمعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان "ستحول دون المضي بعيدا" في هذا المجال.
مختار الساتي; توقيع العضو |
|