لم يتصور سيف ابن 17 ربيعاً أن تؤدي تغيير تسريحة شعره إلى أنهاء حياته بـ"بلوكة" رميت على رأسه بقوة، في جو يذكر بأجواء التصفيات الجسدية في عام 2006 و2007.
فـ"سيوفي الاسمر" كما عليه يطلق اقرانه يسكن في مدينة الصدر شرقي بغداد، قتل على يد مجموعة مجهولة قبل ثلاثة ايام بعد تعذيبه ومن ثم ضرب رأسه بقطعة من الاسمنت الصلب أو كما يطلق عليها باللهجة العامية (البلوك) كما اظهرت لقطات فيديو انتشرت على مواقع الانترنت، لا لجريرة فعلها، سوى انه خرج عن المألوف في مدينة يسود فيها الطابع الديني.
ولم تعرف بعد الجهة المسؤولة عن مقتل "سيوفي الأسمر" و55 آخرين من المراهقين، بحسب آخر أحصائية كشفت عنها وزارة الداخلية أمس الثلاثاء.
ففي مدينة الصدر التي قتل فيها ما يقارب 7 شبان بدأ توجه الشباب إلى ترك الملابس الشبابية والتوجه نحو "لبس الدشداشة" وازالة "الشعر الطويل" بعد أن تزايدت ظاهرة قتل الشباب التي يوصفون بـ"الأيمو".
ففي بغداد محمد علي 21 عاماً، طالب جامعي، رفض كل ضغوطات أهله واصدقائه من عدم لبس البناطيل الضيقة بسبب تزايد موجة اغتيالات الشباب الذين يرتدون مثل هذه الملابس من قبل حركات متطرفـة.
ويقول لـ"شفق نيوز"، "بالتأكيد لا أخاف من هذه المجاميع التي يعرف توجهها الديني والسياسي وهي تعمل على إثارة العنف وتصور الشباب الذي يرتدي بحسب الموديل بأنه جنس ثالث".
ويضيف أن "مقتل سيوفي في مدينة الصدر أخاف الكثير من الشباب، الا انني لا اخاف ذلك لا نني اتحدى هذه الأجواء المتطرفة".
ويوضح "ليس عيباً أن يرتدي الشباب ملابس الغرب، فنحن نستخدم كل صناعتهم، فحتى الملابس الدينية صنعت في الدول الغربية لماذا لا نقلدهم فهم فعلاً تقدموا علينا كثيراً".
الا أن شاباً آخر يدعى مؤمل كامل يسكن ايضاً في مدينة الصدر يقول لـ"شفق نيوز"، إنه "تعرض للاختطاف من قبل جماعة متطرفة ونافذة، وقد وجهت لي تحذيرا بان اترك هذا اللبس، أو أقتل، او نهاجر المدينة مع اسرتي".
كامل خضع للامر الواقع وآمن بضرورة ان يلبي دعوة هذه الجماعة والتوجه إلى ترك الملابس الضيقة او اللقاء باصدقائه.
ويضيف "يقولون إن القانون العراقي والدستور كفل الحق الشخصي للمواطنين الا ان ذلك حبر على ورق، الخوف يسود بغداد والمناطق الشعبية من ان يكون مصير شبابها المتحررين كما هو حال سيوفي الاسمر".
ويكفل الدستور العراقي في فصل الثاني [ الحريات ] حيث تنص
المادة ( 37 ):أولاً :ـ
أ ـ حرية الإنسان وكرامته مصونةٌ.
ب ـ لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرارٍ قضائي.
ج ـ يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون.
ثانياً :ـ تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني.
ثالثاً :ـ يحرم العمل القسري ( السخرة )، والعبودية وتجارة العبيد (الرقيق)، ويحرم الاتجار بالنساء والأطفال، و الاتجار بالجنس.
كذلك المادة (38) حيث تنص :
تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
اولاً :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
ويقول الـناشط ورئيس جمعية الشباب العراقي محمد الكاظمي لـ"شفق نيوز" إن "الدستور العراقي يكفل حرية التعبير واللبس ولا يوجد أي نص قانوني يقول إن هؤلاء الشباب خرجوا عن الضوابط والقوانين وعلى الحكومة الا تنشغل بمصالح سياسية وان تتجه إلى حماية هولاء الشباب من التصفية الجسدية وتحاسب من يقوم بمثل هذه الأعمال".
ويضيف أن "مشكلة الحكومة العراقية لم تضع خطة لتوفير التعايش السلمي وتعزيز قدرة العراقيين على قبول الاخر الذي يختلف معنا".
ويوضح "لا شك ان دور رجال الدين ضعيف فاغلب الذين يقومون باعمال تصفية الشباب تعود الى مرجعيات دينية ولم نسمع رأياً صريحا من غالبية رجال الدين بشأن اعمال تصفية الشباب حيث أعلن أمس رقماً مرعباً للغاية وهو 56 شابا قتلوا في العراق".
لكن كلّ الكلام الذي قيل عن "الايمو" ليس واضحاً، الا أن عودتنا إلى مصدر الكلمة التي اتت من مصطلح "emotional" بما معناه حساس أو عاطفي ذو مشاعر متهيجة أو حساسة، وهذه الجماعة تتبع نظام لبس معين وموسيقى معينة وتسريحة شعر معينة وأخذت الظاهرة في الانتشار بين الشباب المراهقين أعمارهم ما بين 12-17 لكن الايمو مرحلة في حياة بعض المراهقين ولكنها قد تستمر بعد 17 أيضا.
بدوره يقول وكيل المرجع علي السيستاني في بغداد عبد الرحيم الركابي لـ"شفق نيوز"، إن "الدين الأسلامي يرفض أي تصفية جسدية، ومثل هذه الظواهر لابد ان تعالج عن طريق الحوار والتهدئة لا عن طريق التصفيات الجسدية".
ويضيف أن "مقتل هؤلاء الشباب يعد ظاهرة سيئة على مشروع التعايش السلمي وتقوم به مجاميع ارهابية بتصرفات شخصية وليس هدفها ديني وأنما اثارة العنف تحت مظلة الدين".
وللباحثين في علم الأجتماع تحليل يختلف بخصوص أنتشار ظاهرة الأيمو اذ يقول التدريسي في الجامعة المستنصرية رزاق عبد علي لـ"شفق نيوز" إن "انتشار هذه الظاهرة يعود إلى اسباب عديدة من بينها ظاهرة التطرف الديني بين شرائح المجتمع وفي المناطق الفقيرة لسنوات طويلة بعد سقوط النظام السابق والثاني الانفتاح الاعلامي للعراقيين على ما يجري من موضات في دول العالم".
وأضاف أن "التطور الاقتصادي للأسر العراقي والسماح لدخول موضات حديثة من اللبس سمح لانتشار هذه الظاهرة بالاضافة إلى مخاوف الأسر من ان يتجه ابناؤهم الى الحركات المتطرفة والمسلحة".
وكشف مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، امس الثلاثاء، لـ"شفق نيوز"، عن مقتل 56 شخصاً ممن يعرف بـ"الأيمو" في جميع محافظات العراق، لافتا إلى أن محافظتي بغداد وبابل تصدرتا لائحة المحافظات التي شهدت اغتيال ممن تاثروا بهذه الظاهرة.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات أن "بغداد قتل فيها حتى ظهر يوم امس ما يقارب 13 شخصاً غالبيتهم في مناطق شعبية مثل مدينة الصدر وجسر ديالى، اما بابل فقد قتل فيها 12 والديوانية 8 وذي قار 6 والبصرة 5 و واسط 2 والمثنى 2 واثنين في قضاء بلد بصلاح الدين وآخر قتل في مدينة العمارة".
واختاروا الايمو اسلوبا قد يبدو "شاذا" لدى البعض في السلوك ونمط الازياء تحمل علامات واشارات توحي بالشر ورموز الشيطان تخصصت ببيعها محال خاصة.
شفق نيوز
piano player; توقيع العضو |
|