بيروت: فتحت تركيا أبوابها للمعارضة السورية، فقدمت لها الدعم السياسي ووفرت الملاذ الآمن للاجئين، لكن هل ستبادر أيضاً إلى تقديم العون العسكري لقتال الرئيس السوري بشار الأسد؟
"الأمر أشبه بنقل الناس من الموت إلى الحياة"، يقول الشاب العشريني رائد صالح واصفاً الطريقة التي يساعد فيها السوريين على الهرب إلى تركيا.
من قاعدته في مخيم اللاجئين في بوشين، قرية تركية صغيرة متاخمة للحدود السورية، يقوم رائد بإدارة شبكة من المراقبين والمهربين الذين يقومون بتنبيهه فور وصول مجموعة جديدة من اللاجئين. وبما أنه لا يتحدث التركية، يعتمد صالح على صديق له من أجل الاتصال بحرس الحدود الأتراك قبل وصول أي مجموعة من اللاجئين.
يعتبر صالح أن الأتراك شكلوا عوناً كبيراً للسوريين من خلال قيامهم بتوفير حافلات صغيرة وسيارات إسعاف لنقل السوريين إلى واحد من المخيمات الستة المنتشرة على الحدود.
ويضيف صالح بأن الأتراك يشكلون قوة رادعة، "فجنود النظام السوري المعروفين بقيامهم بإطلاق النار على اللاجئين أصبحوا يفكرون مرتين قبل إطلاق النار عندما يكون عنصر من حرس الحدود التركية موجوداً".
لا يوجد لدى صالح أي شكوى تتعلق بالأوضاع داخل المخيمات فيقول "الطعام جيد والخيام على ما يرام وتمكنا من الحصول على الدفء خلال فصل الشتاء والأهم من كل ذلك أننا جميعاً في أمان".
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "تايم" الأميركية إلى أن حوالي 11 ألف لاجئ سوري يقيمون في المخيمات التركية، متوقعة أن يرتفع هذا العدد في الأيام القادمة إثر موجة جديدة من العنف التي ستدفع السوريون نحو عتبة تركيا.
وتعهد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو بأن تظل أبواب بلاده مفتوحة لجميع السوريين الراغبين في الفرار من قمع نظامهم.
تصطف الخيام في بوشين والمنازل التي لم يكتمل بناؤها وحقول مغمورة بالمياه حيث تفيد التقارير بأن السلطات السورية قامت بفتح سدود نهر العاصي لتحول النهر الصغير إلى بحيرة متورمة ليصبح كعقبة إضافية.
وتشكل هذه الخيام مقر العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، المجموعة المعارضة التي تضم عددا من القادة الآخرين والمتمردين المنشقين عن النظام السوري الذين يقدر عددهم بحوالي 40 ألف شخص.
وتوفر تركيا غطاءا محكماً حول الأسعد حيث تحد من اتصالاته بوسائل الإعلام وتقوم بتقييد إمكانية الوصول له.
واعتبرت الصحيفة ان هذه الإجراءات الأمنية قد تكون لسبب وجيه. ففي الأول من آذار (مارس) أحبطت المخابرات التركية محاول خطف الأسعد من قبل عملاء سوريين حسبما ذكرت إحدى الصحف التركية.
تزايدت التكهنات خلال الأشهر الماضية بأن تركيا، إلى جانب توفيرها المأوى لأفراد الجيش السوري الحر، تقوم أيضاً بتدريب وتسليح المتمردين.
ونقلت الصحيفة عن قائد المتمردين الثلاثيني أيهم الكردي قوله: "أتمنى لو كانت تلك الشائعات صحيحة. المساعدة التي تلقيناها حتى الآن لم تتجاوز المأوى. ولم تقرر الحكومة التركية ما الذي ستعمله ونأمل أن تتوصل لقرار".
وأبدى المتحدث باسم الجيش السوري الحر ماهر النعيمي استياءه، فقال: "لم نحصل على أي دعم من السلطات التركية. لقد رأينا روسيا تمنح النظام السوري المال والأسلحة بينما لم نحصل نحن على شيء".
أيا كانت درجة علاقتها مع الجيش السوري الحر، فإن أنقرة كانت تعرف دائماً بدعمها الصريح لمعارضي السياسة السورية. وازداد الاهتمام التركي منذ إعلان انشاء المجلس الوطني السوري. ووفقاً لخالد خوجة، عضو المجلس الوطني السوري، فان المجلس مدين بالشكر لأنقرة لجهودها لاعتراف الجامعة العربية بأن مجلسهم هو الممثل الشرعي للشعب السوري.
وإضافة للدعم السياسي الذي قدمته تركيا فإنها أيضاً لم تقم بأي محاولة لإجهاض المعارضة بحسب خوجة الذي يضيف "إنهم لا يتدخلون في عملنا كما وأنهم لا يفضلون مجموعة على أخرى". ويؤكد ان تركيا تسعى لكسب ثقة المعارضة "فهي تعلم بأن بشار سيسقط وأن المعارضة السورية ستكون أكثر قوة في الفترة المقبلة".
وتساءلت الصحيفة: "حتى لو كان سقوط الأسد لا يعدو كونه مسألة وقت يبقى السؤال: كيف لتركيا وباقي دول العالم التعجيل به"؟
وفقاً للكاتب التركي جنكيز كاندار فإنه لا يمكن لأنقرة أن تقدم أكثر مما قدمته من دون الحصول على دعم دولي، فمع عدم وجود غطاء دبلوماسي فإن أي قرار تركي لتسليح الجيش السوري الحر والسماح لهم بشن هجمات من الأراضي التركية سيعني بداية حرب مع سوريا. وهذا بدوره سيؤدي إلى تفاقم حدة التوتر بين تركيا وجيرانها العراق وإيران وروسيا الأمر الذي سيهدد بحدوث اضطراب إقليمي.
في هذا السياق، يقول المعارض السوري أيهم الكردي: "ما نريده من تركيا هو إقامة منطقة عازلة، فهناك عشرات الآلاف من جنود النظام السوري الذين يريدون الانشقاق لكن لا يعلمون أين يذهبون. لكن لو كان هناك منطقة حرة متاخمة للحدود التركية سيهرب لها العديد من الجنود المنشقين. بمجرد إيجاد منطقة حرة كما حدث في بنغازي في ليبيا فعندها ستكون نهاية جيش النظام السوري".
ويؤكد الكردي "في هذه المرحلة لا نريد تعاطفاً بل نريد مساعدة وقرارات حاسمة. إذا لم نحصل على مساعدات خارجية الآن فبالتأكيد ستحدث حرباً أهلية وستتحول سوريا كالصومال والحرب لن تتوقف بها".
مختار الساتي; توقيع العضو |
|