هذا هو الله كما أتصوّره
كانوا كلّهم يتحدّثون عن الله كشرطيّ..
يأخذ الناس إلى الحبس ..
ويشنقهم بطريقة غامضة ..
أمّا أنا فقد كان الله صديقي..
كنت أتصوّره بستانيّاً لديه حديقة كبيرة..
مفتوحة ليلاً نهاراً لكلّ المواطنين في العالم..
كان في الحديقة أشجار تنظم الشعر في الليل ...
وتأخذ قيلولة في النهار ...
وكان فيها عصافير تمتهن التأليف المسرحيّ..
وكان الغروب فنّاناّ ًهوايتُه التصوير بالألوان الزيتيّة...
وكان في الحديقة أراجيح للأطفال...
وقطارات كهربائيّة تأخذ الأولاد إلى محطّة القمر و عيدهم
وفي يد كلّ واحد منهم تفاحة حمراء مستديرة كوجه القمر ..
وكانت فيها بحيرات ذهبيّة المياه ..
يغطس الصغار في ضفّتها اليمنى
يخرجون من الضفّة الثانية
وقد أصبحوا سنابل قمح
وكان فيها مقاعد من خشب الورد.. محجوزة لكلّ عشّاق العالم .. يدخلون فيها متى يشاؤون.. ويمارسون الحبّ متى يشاؤون..
دون أن يسألهم أحد على أسمائهم أو عن جوازات سفرهم أو عن طائفتهم....
هكذا كنت أتصوّر صديقي الله.. بستانيّاً قزحيّ العينين.. أشيب الصدغين ..يلبس دشداشة بيضاء.. ويجلس تحت شجرة ياسمين ظليلة و كلّما جاءه عاشق.. قدّم إليه ياسمينة .. وقال له
"ادخل يا ولدي...
ادخل يا ولدي..
فليس لدينا هنا تذاكر دخول ..
فبالحبّ وحده..
تدخلون جنّتي..
وبالحبّ وحده..
كلّكم رعيّتي."
هذا هو الله كما أتصوّره..
وهذا هو الله الذي انأجيه و أناديه و أحبّه..
فلماذا يُصرّون على إدخاله في بازار السياسة المحليّة؟
لماذا يريدون أن يجرّوه إلى هذه الأرض الصمغيّة اللزجة المتحرّكة الرمال؟
لماذا يريدون تلويث يديه الناصعتين الطاهرتين بفحم السياسة و هبابها؟
لماذا يريدون أن يدخلوه في تجمعّاتهم.. وتنظيماتهم.. وميليشياتهم.. وتشكيلاتهم السريّة ويصرّون على إعطائه البطاقة الحزبيّة؟
لماذا يتكلّمون باسمه؟
ويتسلّحون باسمه؟
وينصبون المتاريس باسمه؟
ويخطفون الناس باسمه؟
ويقتلون باسمه؟
هل يمكنني أن أدافع لمدّة خمس دقائق.. خمس دقائق فقط.. عن هذا الذي يتفرّج عليهم من نافذته السماويّة.. وهم يبيعون و يشترون و يغشّون و يحتالون.. ويدّعون أنّهم وكلاؤه القانونيّون بموجب وكالة رسميّة؟
لـــ نزار قباني
تعتبر هذه القصيدة من القصائد الممنوعة لنزار قباني بعد ما كانت قد اخذت انتقاد وأستنكار شديد في وقتً ما وهو يخبر ان الله صديقي !!
†♥♫ نورا ♫♥†; توقيع العضو |
|