ابو نور الساتي عضو ناشط
العمر : 67 عدد المساهمات : 544
اعلان ممول
| موضوع: التدين اللاسياسي ينتشر مع تراجع نفوذ الأحزاب الدينيّة السبت فبراير 18, 2012 6:15 am | |
| في جامع في مدينة الصدر في بغداد، يتزاحم عدد من الشبان لأداء صلاة الظهر، وبعد أداة الصلاة يعودون الى حياة يومية حافلة بالكثير من التفاصيل، لكن الامر المهم الذي يميزهم انهم باتوا يسخرون من محاولات تسخير الدين لأغراض السياسة.
وقال علي المالكي (21 سنة ) انه يقصد المسجد كل يوم، لكنه في الوقت ذاته يرفض محاولات البعض تسخير الشعائر الدينية لخدمة مصالحه السياسية. ويشهد العراق تناميا ملحوظا في "التدين" بأغلب مرافق الحياة، لاسيما الجامعات والمدارس، في الوقت الذي يتقلص فيه نفوذ الأحزاب الدينية.
ويرتدي على الملابس الغربية، كما يعتمد تسريحة عصرية، منتقدا في الوقت ذاته دعوات التزام اسلوب حياتيّ معين، لاسيما في ما يتعلق بالمظهر من قبل بعض الجماعات المتطرفة، وتشير كلماته المباشرة والمعبرة الى انحسار التطرف ومحاولات استغلال "التدين" لصالح أجندة سياسية.
وفي الكثير من الأماكن المقدسة في العراق لم تعد مظاهر التدين تمثل تياراً سلفياً او محافظاً، في ظل وعي جديد يسود المجتمع يحاول فيه المواطن تأكيد استقلاليته في التفكير وطريقة الحياة بعيدًا عن وصايا رجال السياسة وأجندة الأحزاب الدينية. أجندات خاصة وأكد الطالب الجامعي سعد التميمي (22 سنة) بأن المواطن العراقي لن يقع في أحابيل أجندات خاصة، وهو مصمم على بناء حياته وحماية معتقداته والالتزام به دون وصاية من احد، لاسيما أولئك الذين يحاولون إجبار الشباب العراقي على اتباع طريقة حياة معينة.
ولفت التميمي الى بعض المتطرفين الذين تعلو أصواتهم بين الحين والآخر في الجامعات والمساجد والمدارس، حيث شكل العراق طيلة سنوات بالنسبة إلى بعض الأحزاب الدينية والمنظمات المتطرفة، أرضاً للجهاد و مجالا دعويا مهما.
وروت الطالبة حنان سيف الدين كيف ان شخصاً ملتحياً اقترب منها وهي تغادر جامعة بغداد في الجادرية، واسمعها أحاديث دينية حول التبرج، داعيا إياها الى صون "نفسها"، إلا انها لم تقع في "فخ الاستفزازات"، وتجنبت الرد عليه، وأضافت: "كان حديثه أشبه بأسلوب دعوي، لكنه كان بعيدا عن العنف".
ومنذ العام 2003 ، ظهرت في المجتمع العراقي، نزعات محافظة وتيارات دينية متطرفة، مقابل افول واضح للمد العلماني الذي كان سائدا في المجتمع في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. واعتبر الباحث الاجتماعي ليث القاسمي ان الكبت الذي عانت منه الحركات الدينية طيلة عقود في العراق جعلها تتحرك بطريقة استفزازية في بعض الأحيان بعد عام 2003.
وتابع: "الكثير من أعضاء الأحزاب الدينية في العراق كانوا معتقلين ونازحين في خارج، وأتاح لهم التغيير بعد العام 2003 التعبير عن أنفسهم بصوت عال في بعض الأحيان". وأشار القاسمي الى ان البعض منهم لاسيما في السنوات الثلاث الأولى التي أعقبت سقوط صدام، "اعتبروا أنفسهم أوصياء على حركة الناس وأسلوبهم في الحياة".
لكن السنوات الأخيرة بحسب القاسمي شهدت "انفتاحا أكثر من هؤلاء على المجتمع بعدما أدركوا ان أسلوبهم المتطرف لم يسفر عن أي نتيجة".
وأوضح عصام الياسري الذي أمضى سنوات في سجون صدام، أنه في بداية الأمر كان يعتقد ان بالإمكان تطبيق الشريعة الاسلامية بمجرد رحيل النظام، أما الآن فيعتبر الأمر "ليس بهذه السهولة، ولا يمكن فرض آراء على الناس لم يقتنعوا بها".
واعترف الياسري ان الكثير من الإسلاميين من مختلف الطوائف حاولوا "استغلال الحرية التي أتيحت لهم بعد عام 2003، عبر استخدام الأسلوب الدعوي والمبطن في بعض الأحيان بغية جرّ الناس الى ما يؤمنون به".الاحزاب الدينية وأتاح سقوط صدام حسين في عام 2003 صعود أحزاب دينية الى مركز السلطة والبرلمان والحكومات المحلية. لكن المتابع للشأن السياسي سعد حميد اعتبر ان السنوات الأخيرة شهدت تراجعا في شعبية الأحزاب الدينية بين الجمهور.
ورد حميد ذلك إلى أن اغلب هذه الأحزاب سلكت منهج حزب البعث الحاكم السابق في إجبار الناس على عقيدة سياسة معينة، ولفت إلى "ان بعض المحسوبين على هذه الأحزاب يتدخلون حتى في الأمور الشخصية للمواطنين".
لكن ما يبعث على الارتياح بحسب مكي حسين عضو المجلس بلدي في بابل، ان "الأحزاب الدينية تراجعت كثيرا عن سياساتها المؤدلجة، وأصبحت أكثر براغماتية بسبب تراجع شعبيتها". وأضاف: "الديمقراطية عزلت التدين عن البرامج السياسية للأحزاب ولم يعد الأمر متداخلاً"، مؤكداً ان محاولة استغلال الدين لأغراض سياسية على وشك ان تزول".
ومنذ العام 2003 ظهرت بوادر عنف بين إسلاميين ومتدينين من جهة وعلمانيين من جهة اخرى في الكثير من المدارس والجامعات، أدت في بعض الاحيان الى اشتباكات حول البرامج والأهداف ومراكز النفوذ في تلك المؤسسات.
وفي مناطق مثل ديالى (57 كم شمال بغداد) فرضت تنظيمات متطرفة مثل القاعدة، أساليب حياة معينة لا يسمح بتجاوزها مثل ارتداء النقاب وعدم تقليد الأسلوب الغربي في الحياة. وفي مدن الجنوب مثل البصرة ( 545 كم جنوب بغداد) فرضت حركات راديكالية أيضا أفكارها في المظهر الخارجي والاعتقاد لفترة طويلة على الناس.
وتروي كفاح حسون الموظفة في بنك بابل (100 كم جنوب بغداد) انها تعرضت عام 2005 الى اعتداء من قبل مسلح أرغمها على ارتداء الحجاب حينما كانت طالبة في الجامعة. وتتابع.. في الوقت الحاضر فان الامر أقل بكثير.
وشارك سعيد الصبار العام 2009 في تظاهرة في ساحة التحرير في بغداد طالبت الحكومة برصد ظواهر التطرف الديني والفكري الذي يجبر الناس على نمط حياة معينة. وأوضح الصبار "وقتها اقترب مني شخص وحدثني بلهجة التهديد.. انتم علمانيون وتريدون بقاء اميركا في العراق. لكن صبار يشير الى ان العراق لا يخلو من من التيارات السلفية لكن دورها ضعيف جدا اليوم بسبب شرود الناس عنها".
وأشار قيس الجنابي الى تعرضه عام 2010 الى التهديد من قبل أشخاص متدينين بسبب قصة شعره وزيه الغربي. وطيلة عقود في العراق غُيب الكثير من العراقيين جسديا واضطُهدوا فكريا بسبب الخلافات العقائدية مع الحاكم. لكن الجنابي أشار الى ان "الديمقراطية اليوم في العراق نعمة، لكن هناك من يستغلها لتمرير مشاريعه".
وأكد ابراهيم كريم الباحث والأكاديمي في علم الاجتماع في جامعة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) ان هناك "تيار تديّن جارف في المجتمع، تحاول بعض الأحزاب ركوب موجته، لكن هذا سيفشل بسبب الوعي المتولد لدى الفرد".
وبدوره حسين العلوي وهو شاب متدين يرى ان الحرية هي الركيزة التي يلتف حولها الجميع، مستنكراً محاولة البعض استغلالها للاستهزاء بالدين ونشر الالحاد والرذيلة. والجدير بالذكر ان اغلب القادة العراقيين اليوم والنواب ينحدرون من اتجاهات وأحزاب إسلامية، وحتى بين المسيحيين والطوائف الاخرى فان صعود ممثليهم كان لأسباب دينية.
ورأى حبيب حسن العضو في حزب الدعوة في بابل، ان فزاعة "السلفية والتطرف هو أسلوب عفا عليه الزمن وقد استخدم من قبل النظام السابق والغرب لدبّ الذعر بين صفوف المجتمع من الإسلام"، مؤكداً ان حزبه لم يجبر احدا في يوم من الايام على الانتماء إليه".ابو نور الساتي; توقيع العضو | |
|
|