كيف تجسد الحب الالهي؟ وكيف يتجسد فينا؟
عندما يولد انسان جديد يدخل الى العالم الارضي الجسدي، نقول ولد لنا طفل يدعى فلان، كما يقول الكتاب المقدس ايضاً "اليوم ولد لنا... يدعى عمانوئيل- اي الله معنا"
وهكذا يدخل الانسان مراحل الولادة المتسلسة، فبالامس ولد الطفل من لحم ودم من بطن امه، واليوم على المسيحي ان يولد من الروح القدس والنار، ليدخل الى عالم جديد، ليس هو عالم الجسد الفاني، بل هو عالم الروح الخالد، عالم البدء ببناء ملكوت الله على الارض، وعيشها على الارض وفي السماء ايضاً.
لان الولادة الثانية هي الولادة الروحية، وهي الاولى من نوعها لانها تحمل الروح القدس الذي تجسده في احشاء الطفل، كما يقول القديس بطرس في رسالته:- "انتم هياكل الروح القدس، الذي لبسناه بالمعمودية". ويقول ايضاً:- "شاءت رحمته ان يخلصنا بغسل الميلاد الثاني ، والتجديد الاتي من الروح القدس" تي 3 : 5 .
اذن سر العماد المقدس هو السر الاول من اسرار الكنيسة السبعة } كلمة سر تعني الخارج عن حدود العقل البشري {، او }المعنى الخفي الخالي من المفهوم المادي الملموس{ ،وتعني ايضاً }عمل روحي خالي من المادة الملموسة، ذات تاثير ظاهر ملموس{.
ويعتبر سر العماد المقدس من اهم الاسرار، لانه السر الاول الذي يتسلمه ويلمسه الانسان المسيحي، وهو الباب الاول الذي يفتحه المؤمن بواسطة والديه، والعراب الذي يحمله، للدخول الى العالم الجديد. حيث يحل الروح القدس عليه، فيقدسه، وهي نقطة الانطلاق الاولى الى حظن الآب.
المعمودية موت وحياة:-
سر المعموية ماذا يُخرج إلينا من حياة المسيح، ماذا يُترجم لنا؟. هنا يمكن القول، أن المعمودية تترجم لنا كل حياة المسيح إذا كانت هذه الحياة تلخّص بكلمتين: موت وحياة؟؟؟!!!
حياة المسيح في البشرى، من الميلاد إلى تمجيدها عند فجر الفصح، كلها موت وحياة، لأن المسيح وُلد لكي يموت من اجل الحياة.فعندما وضع ملك الملوك في أقمطة بسيطة وفي مغارة حيوانات ونال معموذيته على يد يوحنا (الذي قال انا صوت صارخ في البرية اعد الطريق لمن يأتي بعدي وانا لست أهلاً لاحل سير حذاءه) في الأردن وهذه الآلام المعنوية التي ذاقها من اليهود وهذه الاضطهادات، كل هذا، قبل صلبه من اليهود وبيلاطس، كان بداية الطريق للموت والقيامة وتحقيق الخلاص.
معمودية يسوع في الأردن كانت نزولاً تحت المياه وكانت خروجا من المياه وظهوراً للآب والروح عليه. كذلك، التجلّي على الجبل كان تمجيداً له، ولكنه، في آن واحد، حسب رواية لوقا الإنجيلي، كان حديثاً عن خروجه من أورشليم.
كل فصول حياة السيد هي إنبعاث من موت، مرافقة الموت للحياة. من هذا القبيل المعمودية تعطينا كل المسيح ولهذا نقول أنها الميلاد الثاني. هي الميلاد الثاني إذا قيس هذا الميلاد بميلادنا من أمنا. هذا هو المولود الأول في الجسد، ولكننا نولد الآن ليس من لحم ودم ولا من مشيئة رجل بل من الله. المسيح أعطانا أن نصير أولاد الله كما في يوحنا1: 12، 13:" واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه.الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ".
المعموذية في الديانات الاخرى:-
الوضوء الإسلامي نوع من انواع المعموذية وهو يعني إغتسالاً وتهيئة للصلاة. وكذلك رهبان قمران، على شواطئ البحر الميت، قبل مجيء المخلّص، كانت لهم أحواض يغتسلون فيها كل يوم أكثر من مرة. عندنا، أيضاً معموذية يوحنا كتهيئة للتوبة. والدخلاء الوثنيون الذين كانوا ينضمون للدين اليهودي على يد الفريسيين، هولاء، أيضاً كانوا يُعمّذون. الحضارة البشرية، قبل المخلّص، هنا وهناك، كانت تعتمذ تشوقا منها إلى طهارة كانت تتوق إليها. كانت تتوقع هذه البشرية أن تنال طهارة. والبشرية أحسّت أنها، من أجل هذه الطهارة تستعمل ماء. طبعاً يمكن أن يُقال: هذا أمر طبيعي وبديهي جداً كون الماء يغسل الجسم. ولكن الفكرة كانت أبعد من هذا. فالماء ملتبس المعنى في الحضارات القديمة، أي ان له معنى مزدوجاً وهو لا يعني، دائما الطهارة.كذلك الماء مخيف. الماء يدل على الغرق، على الموت. والماء، في كل الحضارات، كان محيط الخطيئة، محيط الشر. مثلاً، في الفكر العبري: " لوياثان" التنين: هذا كان الوحش الأسطوري الذي في الماء. ولذا، فخوّاض البحر يقتل التنين، وما إلى ذلك من هذه الصورة الأسطورية. الماء مخيف ثم الماء محيي.في الأساطير البابلية الماء اصل الحياة، وأيضا في القرآن: " وجعلنا من الماء كل شيء حي". الماء هو المحيط الذي يخرج منه الكائن الحي. ولهذا فإتخاذ الإديان للماء لم يكن سببه فقط، أنه غاسل ولكن سببه هو أنه يميت ويحيي. وإذاً، فالغسل، هنا، ليس شيئاً سطحيا. الغسل معناه أننا نموت بشكل ما.
عندما جاء المخلص لم يخترع رمز الماء ولم يخترع المعمودية. وجدها قائمة عند أهل قمران ويوحنا المعمدان والفريسيين. ولكن موقفه منها كان أنه عبأها، ملأها بمعنى جديد وملأها بالروح.
المعنى المسيحي للمعمودية:-
نعم، نحن نموت بالماء، ولكن أي موت هو المقصود؟ ونحيا بالماء، ولكن أي حياة هي المقصودة؟
الإيمان هو الخروج من أي وضع نحن فيه إلى الله. يقول الله لإبراهيم"اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي أريك" [ تكوين 12: 1 ]. الإيمان هو، أيضاً، مجازفة مع الله. هو أن يطرح الإنسان نفسه في كائن لا يعرفه، ويعرفه على قدر ما يطرح نفسه فيه. يذوقه بعد أن يرمي نفسه هناك. إذاً، هناك موت بالنسبة إلى الحياة القديمة التي كان فيها، هناك إنسلاخ عنها. شيء منا يموت. نغرق في الماء. وإذا متنا تأتي حياة جديدة ليست منا. هنا كل الحديث عند يسوع عن الماء الذي هو يعطيه، في ما قال للمرأة السامرية التي كانت تستقى من بئر يعقوب:"كل من يشرب من الماء الذي اعطيه انا لن يعطش ابدا ً[ يوحنا 4: 13 ]. إذاً ثمة شيء من الدنيا القديمة نتركه، نترك هذا العالم القديم، ندخل في وضع جديد مع هذا العالم الجديد.
إن الحياة الإلهية التي كانت في المسيح أبادت الموت، تفجرت في الموت فحولته إلى حياة وقامت هذه الحياة من القبر لأنه لا يمكن أن يُضبط عنصر الحياة وخالقها في القبر. بعد أن مات، لا يموت ولا يتسلّط عليه الموت.
القضية، إذاً، ليست قضية محو خطيئة. هي ليست أن ثمة دَيْناً مكتوباً علينا يُمْحى فنصبح بلا دَيْن. اذن المعموذية هي هبة الله لمحبيه حيث يفيض عليهم النعم، لكن على المؤمن ان يطلب هذه النعم اولاً... وهكذا اصبح الكاهن واههب المعموذية هو نفسه واهب الروح القدس المسلم اليه من الاباء الاولين ومن الرسل ومن السيد يسوع المسيح. الحياة الجديدة التي تنسكب من المسيح علينا بالروح القدس في الكنيسة هي التي تطارد قوة الموت. فإذاً، نحن في مطاردة لقوة الموت عن طريق الحياة الجديدة. وهذا ما نحياه بوجه عام، في العمر كلّه. حياتنا هى إفناء للموت، إماتة الموت، إماتة الخطيئة، إماتة كل قوة القهر والظلم والخنوع والذل وكل ما هو فساد. وهى مطاردة الفساد بقوة الحياة التي إنكشفت وتفجّرت.
لمن يمنح العماذ؟
يمنح العماذ للطفل المولود من ابوين مسيحين،لانهما مؤمنان، او ان يكون احد الابوين مسيحي لان الطرف الاخر يتقدس بقدسية الطرف المقدس كما نجد هذا في الرسالة الاولى الى كورنثس"وان كان لامرأة زوج غير مؤمن...." 7: 13 و 14 .
فائدة العماذ:-
لماذا يقول الكتاب المقدس :- " الرب نوري وخلاصي فممن اخاف؟، الرب حصن حياتي فمن من افزع"؟؟؟!!!
يقول الكتاب المقدس الرب نوري الذي أخذه في العماذ واجدده بسر التناول، وخلاصي من الخطئية الاولى والموت والهلاك، وطريقي لاسير على خط وخطى يسوع....
الرب حصن حياتي لانه سيرعاني ويهتم بي ولامري، كما يقول الكتاب المقدي ايضاً " كراع مع قطيع، كاب مع بنيه"،ويقول "عصفور طير إن سقط ، ينسى من الناس فقط، فالرب لاينساه قط ، فكيف ينساني" .
اذن انا املك حصانة ورعاية وعناية الهية، فلماذا افزع، ولماذا اخاف؟ لماذا اترك الشر يتغللغل فيَ، لماذا انسى ان روح الرب قد ملك وسكن فيَ، الم يقول القديس بولص انتم هياكل الروح القدس؟؟؟!!!
لان مايحدث في العماذ هو استدعاء الثالوث الاقدس ليبارك الطفل ومن يحمله ووالديه، واخيراً اقول بالعماذ يعود الابن الى حظن ابيه ، بعد ان يموت مع المسيح في جرن المعمودية ، ليقوم مع المسيح ، وليعلن انتماءه الى الكنيسة الام.
ماهو مصير الطفل الذي يموت وهو غير معمذ؟
إن المجمع الفاتيكاني الثاني رفض البحث في هذه القضية، تاركاً لعلماء اللاهوت الحرية للبحث ولطرح الاراء حولها.
لكن وكما نعلم من خلال الكتاب المقدس ان الهنا محبة فهل يسمح هذا الاله المحب لاطفال ابرياء ان يحرموا من نعيم الملكوت وهم لاذنب لهم لا في ولادتهم ولا في موتهم... والنص واضح في الكتاب المقدس حيث يقول يسوع " ليس من مشيئة ابيكم ان يهلك احد من هولاء الصغار" انجيل متى 18: 14 .
انواع المعمودية:-
هناك انواع من المعموذية منها:
1. معموذية الماء والروح كما قال يسوع للتلاميذ في متى 28: 19 " اذهبوا الى الارض كلها وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس".
2. معموذية الشوق، يمنح للذين لديهم رغبة شديدة في قبول سر المعموذية ولهم ايمان بذلك، وماتوا قبل ان يحصلوا على سر المعمودية من الماء والروح.
3. معموذية الدم، يمنح للذين يستشهدون لاجل المسيح، ولم ياخذوا سر العماذ المقدس، لان الشهيد يتعمذ بدمه، فيتبرر.
4. معموذية الكلمة، من لم تبلغهم بشارة الكلمة، او لم يسمعوا قط عن يسوع المسيح، كما يقول بولس الرسول" كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟" رومة 10: 14 .
5. معموذية الوالدين ، تمنح لغير الراشدين – فاقدين العقل- الذين يتبررون بايمان والديهم.
6. معموذية التوبة والدموع، وهي مؤلمة حقّاً، تمنح للتأبين ولايتمكنوا من نيل العماذ على يد الكنيسة.
من هو العراب؟؟؟ وماهو دوره؟؟؟
العراب هو (حامل الطفل في الكنيسة اثناء العماذ)، ويبداء دوره عندما يحمل الطفل بالعماذ في الكنيسة، لكنه لاينتهي بانتهاء المراسيم الكنسية او حتى الاحتفالية، بل يتعداه الى المستقبل، حيث ان دور العراب يستمر طيلة حياة العراب وذلك الانسان الذي حمله، ويكون مسؤلاً عن نموه الروحي والنفسي... ويلازمه في وقت احتياجه مهما كان... وتقع على عاتقه مسؤولية شرح الهوية المسيحية للطفل وماذا يعني الايمان المسيحي وبماذا يتمثل...
كم مرة يجب ان نعمذ؟
كما يقول الرسول الإلهي (كولوسي 2: 12). فكما أنّ موت الرب قد تمَّ مرةً واحدة، يجب أن تصيرَ المعموذية كذلك مرةً واحدة، معتمدين على حسب كلام الرب، باسم الآب والابن والروح القدس (متى 28: 11)، فنتعلّم الاعتراف بالآب والابن والروح القدس.
لماذا يستخدم الماء في سر المعموية؟
1. لان الماء هو المادة المستخدمة للغسل والتنظيف كما حدث اولاً في الطوفان تكوين 7: 17 .
2. لان في (1كور 10: 1-2) يقول الرسول بولس "فاني لا اريد انم يخفى عليكم ايها الاخوة ان اباءنا كانوا كلهم تحت السحابة، واجتازوا كلهم في البحر، فتعمذوا اتباعاً لموسى، في السحابة وفي البحر. فإنّ الغمام رمزٌ للروح والبحر رمز للماء.
3. كان التشريع، فإن كل نجس كان يُحممُّ بالماء وتُغسل ثيابه وهكذا يدخل إلى المحلة.
4. معموذيّة يوحنا التي كانت مدخلاً يؤدّي بالمعتمذين إلى التوبة كي يؤمنوا بالمسيح وقد قال: "أنا أُعمّذكم بالماء للتوبة. وأمّا الذي يأتي بعدي فهو أقوى مني وأنا لا أستحقّ أن أحُلَّ حذاءه. وهو يعمّذكم بالروح القدس والنار" (متّى 3: 11). إذاً فإن يوحنا يسبق فيطهّر بالماء استعداداً للروح.
5. معموذية الربّ. وقد اعتمذ بها هو نفسه. وهو قد اعتمذ لا على أنه هو نفسه في حاجة إلى تطهير، بل لكي -وقد جعل من تطهيري خاصّته- يسحقَ بالماء رؤوس التنانين، لكي يغرّق الخطيئة ويدفنَ في الماء آدم القديم كله، لكي يقدّس المعموذية، لكي يُتممّ الشريعة، ويعلن سرّ الثالوث، فيكون رمزاً ومثالاً للمعموذيّة. ونحن أيضاً نعتمذ بمعموذية الربّ الكاملة التي هي بالماء والروح. وقد قيل إنّ المسيح يعمّذ بالنار، ذلك أنه قد أفاض نعمة الروح على رسله القديّسين بصورة ألسنة نارية، كما يقول الرب نفسه: "إنّ يوحنا إنما عمّذ بالماء، أما أنتم فستعمّذون بالروح القدس والنار بعد أيام غير كثيرة" (أعمال 1: 5) .
رموز وعبر:
1. الحمام:-
طلب حلول الاب والابن والروح القدس لان عندما اقتبل الرب يسوع سر المعمودية على يد يوحنا "نزل الروح القدس بهئية حمام مصحوبة بصوت من السماء يقول " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت..."
2. الزيت (الميرون):- مسحة الزيت
ويُستمعل الزيت في المعمودية إشارة إلى مسحتنا، ولأنه يجعلنا مسحاء ويبشّرنا برحمة الله علينا بالروح القدس.
قانون الايمان:-
في قانون الايمان الذي نصه واقره الجمع النيقاوي القسطنطيني نقول " نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا ، وننتظر قيامة الموتى، والحياة الجديدة، في العالم الاتي" وهذا مامعناه ان العماذ هو طريق حياة المومن المائت مع الرب والقائم معه والذي نال نعمة الحياة الابدية بعد ان غسلت وغفرت خطئته الاولى وهاهو قد دخل الى العالم الخالد الذي لايعرف الموت.
اتمنى ان تكونوا دائما سالمين وكل عام وانتم بالف خير واتمنى ان يولد طفل المغارة في قلب كل انسان (في قلب كل انسان لانه ليس حصراً للمسيحين) فحبه يتعدى البحور ولا يتوقف عند اللون ولا الجنس ولا الدين ....
رشا عامر توزا
العراق12 - 2010