بدت علامات الحزن ظاهرة على مقدم البرامج الشهير، لاري كينغ وهو يودع المشاهدين، بعد أن أجرى في حياته نحو 50 ألف مقابلة تلفزيونية وإذاعية، بينما شارك في حلقة الوداع الكثير من الضيوف الذين شاركوا في حلقات سابقة.
وضع لاري كينغ المقدم الشهير على محطة "سي ان ان" مساء الخميس حدًّا لبرنامجه "لاري كينغ لايف" الذي استمر 25 عامًا مع اشادات خصوصًا من الرئيس الاميركي السابق بيل كلنتون والرئيس الراهن باراك اوباما.
في استديوهات "سي ان ان" في لوس انجليس استقبل المقدم البالغ 77 عامًا اهم مقدمي البرامج والمذيعين في التلفزيون الاميركي الذين اتوا تكريمًا للرجل الذي ورد في سيرته الذاتية انه اجرى نحو 50 الف مقابلة خلال مسيرته المهنية. وقد استضاف خصوصًا بيل ماهر وريان سيكريست وكايتي كوريك وباربرا والترز وديان سوير وبريان وليامز.
افتتح بيل ماهر البرنامج عند الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي (الساعة 02,00 ت. .غ) بقوله "هذا المساء لا نشهد مراسم دفن لاري كينغ نأمل ان يبقى لاري طويلاً حاضرًا في غرف الاستقبال في منازلنا". وبعد دقائق قليلة وفي حين اعلن حاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزينغر "يوم لاري كينغ" في هذه الولاية، تلقى المقدم الشهير رسالة مسجلة من الرئيس اوباما حيا فيها "احد عمالقة التلفزيون صاحب المسيرة الرائعة". وقال الرئيس الاميركي "لاري على مدى 25 عامًا نسّقت الاحاديث بين الشخصيات والمشاهير والشعب الاميركي. تقول انك تكتفي بطرح الاسئلة. لكن بالنسبة إلى أجيال من الاميركيين الاجوبة على هذه الاسئلة فاجأت واطلعت وفتحت اعيننا على العالم الخارجي".
واجرى لاري كينغ الذي ارتدى قيمصًا اسود والحمالات التي يشتهر بها وربطة عنق حمراء بنقاط بيضاء، مقابلة قصيرة مع الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الموجود في ولاية اركنسو قبل ان يغني المغني توني بينيت مباشرة على الهواء من سان فرانسيكو اغنيته الكلاسيكية "ذي بيست اذ ييت تو كام".
وأعلن أنه سيقدم بعض الحلقات الخاصة لـ"سي أن أن" بالإضافة على بعض الأعمال الإذاعية، غير أنه لن يعود إلى برنامجه، وتوجه لجمهوره بالشكر وقال لهم " بدل الوداع ماذا عن اللقاء؟"
وبدت على كينغ علامات التأثر حيث صعب عليه إيجاد الكلمات ليعبر عن مشاعره، وقال "لا يحصل كثيرًا في حياتي ألا أجد الكلمات".
وكان الاعلامي البريطاني بييرز مورغان قد واجه تهكّمات وحسد الصحافيين الاميركيين بعد اختياره ليحل محل لاري كينغ في برنامجه الشهير من قناة "سي ان ان"، بتساؤل يحمل مواصفات الاجابة.
وقال مورغان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عبر الهاتف، فيما يشبه الاجابة على تساؤل أحد الصحافيين "كيف كانت تفكر (سي إن إن) باختيارها شخصًا (غير صحافي) لتولي هذه الوظيفة".
"تمهل قليلاً! لا يمكنك أن تنعتني بغير الصحافي، لقد عملت صحافيًا لمدة 25 عامًا في فليت ستريت". في اشارة الى عمله في صحيفتي "ديلي ميرو" و"صن" البريطانيّتين.
وعدل السائل قوله عمّا إذا كان مورغان سيواجه مشاكل في اجتذاب المشاهدين باعتباره شخصًا "غير معروف" كصحافي داخل الولايات المتحدة. وأجاب مورغان "سأواجه صعوبة بالفعل إذا أخبر صحافيون بارزون مثلك قرّاءهم أنني لست صحافيًّا".
ولمح مورغان المولود في انكلترا العام 1965 من اصول ايرلندية والذي اشتهر كصحافي قبل ان ينتقل الى عالم التلفزيون وقدم برامج في رحلات مثيرة عن الثراء في الولايات المتحدة ودبي، إلى أنه من الأفضل أن ينوّه الصحافيون بخلفيته قبل الشروع في الكتابة عن منصبه الجديد.
وشارك بييرز مورغان كحكم في برنامج "بريطانيا لديها الموهبة" وبرنامج "أبرينتس المشاهير" من قناة "اي تي في" البريطانية، إضافة إلى مشاركته كحكم في برنامج "أميركا لديها الموهبة" وتقديم برنامج "قصص حياة بييرز مورغان".
وأعلنت "سي إن إن" أن الصحافي البريطاني بييرز مورغان، سيحل محل لاري كينغ في برنامجه الذي كان يقدمه التاسعة مساء، وذلك بدءا من يناير/ كانون الثاني المقبل.
وكان لاري كينغ قد فضل "ريان سيكريست" مقدم برنامج "أميركان ايدول" ليحل مكانه على شاشة "سى ان ان" فيما أشارت بعض التقارير إلى أن "بييرز مورغان" هو الأقرب للفوز بالبرنامج، وذلك باعتباره من أهم الأسماء التي طرحها برنامج اكتشاف المواهب الأميركي، فضلاً عن تعدد مواهبه كصحافي ومقدم برامج، فيما رشحت كثير من التقارير الصحافية كاتي كوريك لاستكمال مسيرة البرنامج وذلك باعتبارها مذيعة أخبار مرموقة وصاحبة قاعدة جماهيرية واسعة.
وعبر مورغان بعد قبول تعيينه عن انبهاره ببرامج "سي ان ان" بقوله "كصحافي شاب في بريطانيا، شاهدت التغطية الحية المذهلة التي قدمتها (سي ان ان) لحرب الخليج العام 1991، وافتتنت بشجاعة وذكاء صحافييها المشاركين في التغطية".
وأضاف "بعد سنوات، شاهدت تقارير أندرسون كوبر العميقة من نيو أورليانز في أعقاب إعصار كاترينا، وشعرت بافتتان مشابه تجاه بحثه المحموم والدؤوب وراء الحقيقة. كما شاهدت (لاري كينغ لايف) على امتداد الجزء الأكبر من الأعوام الـ25 الماضية، وراودني حلم أن أحل في يوم من الأيام محل هذا الرجل الأسطوري الذي أعتبره أعظم مقدم برامج تلفزيونية على الإطلاق".
وقوبل إعلان المحاور الاميركي لاري كينغ توقفه عن تقديم برنامجه المسائي "لاري كينغ لايف" من شبكة "سي ان ان" الاخبارية، بحزمة من التساؤلات حول البرامج الحوارية التي تقدم شخصاً واحداً.
وبدأت الاراء في الاوساط الاعلامية والتلفزيونية الاميركية تتناول "أرث" كينغ التلفزيوني بشيء من النقد حيال بروز البدائل المعاصرة ووضع الفكرة التقليدية للحوار في الارشيف.
وقد سبق لفضائية "سي أن أن" أن احتفلت في أوائل يونيو(حزيران) الماضي بمرور 25 سنة على برنامج "لاري كينغ مباشرةً" (لاري كينغ لايف) مع أسبوع من المقابلات تضمن أبرز الوجوه العامة مثل باراك أوباما ولوبرون جيمس وبيل كلينتون وليدي غاغا.
وكان ذلك الأسبوع حيويًّا جدًا في مقابلاته حتى حين تبادل كينغ مع المغنية المثيرة للجدل ليدي غاغا نظرات وكأن كلاًّ منهما في نظر الآخر قادم من كوكب بعيد.
ثم أعلن كينغ في نهاية يونيو أنه سيعتزل عرضه الذي ظل يقدم أسبوعيا منذ الأول من يونيو 1985 عند الساعة التاسعة مساء حسب توقيت شرق الولايات المتحدة . وقال للمشاهدين: "حان الوقت للتخلي عن حمالة البنطلون الليلية".
وقالت صحيفة شيكاغو تريبيون إن قناة "سي أن أن" مهتمة الآن أكثر من أي شيء آخر بإعداد بيير مورغان البديل الذي سيحل محل لاري كينغ ابتداءً من الشهر المقبل، وهي حاليًّا مشغولة في الترويج له وجذب الجمهور له. ومورغان البالغ من العمر 45 سنة صحافي بريطاني وشخصية تلفزيونية وعرف عنه فقط في كونه أحد المحكمين في برنامج "لأميركا مواهب". وتأمل سي أن أن أنْ يكون برنامج "بيير مورغان الليلة" مثيرا وخطيرا قليلا.
لكن كينغ لم يكن مثيرًا أو خطرًا وهو بالتأكيد من روّاد أخبار الأمس بالنسبة إلى الـ "سي أن أن" حسب رأي الصحيفة الأميركية.
بالتأكيد، سيكون من السهل المحاججة بأن كينغ، 77 سنة، قد انتظر طويلاً لنزع حمالة بنطوله عن كتفيه.
وإذا كان كينغ في السابق أحد الوجوه البارزة في أخبار التلفزيون فهو الآن يحتل الموقع الثالث على الصعيد الوطني بعد شون هانيتي من "قناة فوكس نيوز" وراشيل مادو من محطة "أم أس أن بي سي" وتابع برنامجه ما يقرب من 700 ألف مشاهد خلال هذه العام وهذا يساوي نصف عدد مشاهديه في العام 1998 الذي اعتبر قمة سنوات برنامجه من حيث العدد المستقطب له فبرنامجه "لاري كينغ لايف" استقطب في ذلك العام 1.64 مليون مشاهد. وفي العام 3003 بلغ عدد مشاهدي برنامجه 1.54 مليون.
يعرّف لاري كينغ أسلوبه الخالي من المواجهة والإثارة كالتالي: "أنا أطرح أسئلة قصيرة، وليس لدي زعم بأنني مثقف، أنا لا أدعي بأني أعرف كل شيء". فهو عند لقائه برئيس الولايات المتحدة لن يسأله عن جنيف أو كوبا بل سيسال على حد قوله: "سيادة الرئيس، ما هو الشيء الذي لا تحبه في هذا العمل؟ أو ما هي أكبر غلطة ارتكبتها"؟ وهذا حسب قوله أمر "آسر".
لكن ذلك حسب رأي شيكاغو تريبيون قد فقد سحره أمام مرونة كينغ مع ضيوفه في طرح الأسئلة السهلة عليهم. ففي الأسبوع الماضي كان ضيفه الممثل ويزلي سنايبز قبل بدء قضاء محكوميته بالسجن لثلاث سنوات بسبب فشله في ملء استمارة الضرائب بشكل صحيح. لكن الجزء الأكبر من وقت المقابلة كرس لشكوى سنايبس من الإعلام والجهاز القضائي. وبدا كينغ غير مهيأ للدخول إلى صلب الموضوع وطرح هذا السؤال: كيف أوصل ويزلي نفسه إلى هذا الوضع؟
تأتي نهاية برنامج "لاري كينغ لايف" حدثًا ثقافيًا مهمًّا، فهو نهاية مسار استثنائي، فكينغ كان رائدًا في تطور المحطات الأخبارية وأصبح بحد ذاته مؤسسة تعلم الكثير من الإعلاميين في شتى انحاء العالم على يده.
وقدر كينغ عدد المقابلات التي أجراها بـ 50 ألف خلال نصف قرن قضاها في العمل الإذاعي والتلفزيوني. ولا بد أن الكثير سيفتقدون برنامجه بعد مغادرته مسرح الإعلام.