عندما تشرق علي الدنيا كشمس يوم جديد… عندما تولد في السماء كبدر وليد… عندما لا يراك في الأفق غيري…‏ عندما تموت النجوم منتحرة تحت أقدامك… عندما يمد البحر يديه إليك قبل الجذر… عندما تنتحر الأمواج فوق رمالك… عندما تفر آلهة اليونان ومصر من سناك… عندما تموت الكلمات وتقطع الألسنة… عندما تذوب السماء لتتساقط عليك قطعا ندية… عندما تتبخر البحار من حر شوقها اليك… عندما تتزين الأشجار ببردك الأخضر في الخريف… عندما ينساك النسيان لطول ذكرك عندها لا أملك سوى الانطواء على نفسي… سوى الهرب منك ربما إليك.‏
عندما أشتاق لرؤياك فأني أراك في كل شيء… كيف أنساك وأنت ذاكرتي… كيف أنساك وأنت أصل كل الأشياء.‏
عندما ألتقيك أغمض عينى لشدة وهج ضياك فتتسلل من بين رموشى وتغمر عيني… تتسلل ابتسامتك فتعانق قلبي الممزق.. تلم شتاته فيبكيك القلم وتنوح الضلوع على حب ذاب بين مفرقيك.. انتحر عند عينيك.. صلب على شفتيك.. عندما ألتقيك أغمض عيني فتدغدغ كياني نظرات عينيك.. تتغلغل بداخلي.. ترحل بشراييني.. تكتسح خيالي.. تشل كل مقاومة بكبريائي.. تلعن بداخلي الظنون.. تلعن سنين عمري التي لا أعرف أأنا الذي أضعتها أم هي التي أضاعتني… عندما ألتقيك صدفة في طريقي فتتخبط خطواتي وتتشابك أمامي الأشخاص.. أهوي من أعلى القمم ولا أجد أرضا أرتطم بها.. تتسمر قدمي بالأرض.. يصيب يدي الشلل.. يتحجر في فمي لساني..‏
تنساني الدروب.. عندما ألتقيك صدفة في طريقي يهتف قلبي ألتقيت حبيبي.. تحترق نظراتي قبل أن تصل اليك..‏
تتسابق الأحلام اليك فتموت قبل أن تصلك… عندما ألتقيك صدفة في طريقي وتمر بي كأنك لا تراني ولا تحين منك التفاتة الى الوراء يقفز قلبي وراءك مسرعا فلا هو بك لاحق ولا أنا لاحقا به.‏
عندما ينساك الزمان وتلفظك كل الأماكن سيظل اسمك ورسمك محفور في مكان لا تسعه الأمكنة.. في مكان أكبر من حدود الزمان.. في مكان أوسع من الكون… عندما ينساك الزمان ويكتب اسمك في لوح النسيان ستظل رغم كل المتغيرات.. رغم كل التحولات.. رغم مرور الزمن ستظل في قلبي أكبر من أن أنساك.. أعظم من مجرد أن أهواك.. أعمق من الذكرى.. أبعد من الوجود.. أقرب من حبل الوريد… عندما ينساك الزمان ستحتاج الى ذكرى ولن تجدها الا عندي.. ستشتاق الى أنات وجدي.. ستذكر قلبي الذي تجنيت عليه.. ستحتاج لتشعر بحرارة أنفاسي..‏
ستحتاج الى لمسة من يدي.. ستحتاج يوما أن تميل برأسك على كتفي.‏
عندما تدبر عنك الحياة ستجدني بجانبك أشد من أذرك.. أقف بجانبك في وجه الزمان.. أأخذ بيدك.. أحملك بعيدا عن شطوط النسيان.. أروي زهور قلبك بدمائي.. أنتهي عندك وأبتدىء بك.. أعطيك عمري كي تحيا بقلب نسياني.‏
أخفيك في عيني عن الزمان.. تغوص بأعماق ذاكرتي فتجد الأمان.. تتكور في قاع عيني.. تتبوأ مقعدك في قلبي..‏
ترى عرش سلطانك.. تسافر في شراييني.. تحملك الدماء الى حيث المنتهى بأعماقي.. ترى أفقك الجديد.. تسطع كالشمس تغمرني.. تطفو فوق أمواج أحلامي تحاصرني.. تحمل البشرى كنبي وتنذرني.‏
أخفيك في عيني عن الناس.. تنام بين أجفاني وتسكن المشاعر.. تنظم بجوفي جيوش الخلاص.. تتحدى اللائمين وتكسر قيد الزمان.‏
أخفيك في عيني وأبحث عنك في الأحلام.. تتوه بين مشاعري المضطربة ولا أجدك.. تختفي عني بين ثنايا قلبي فأمزقه بحثا عنك ولا أجدك.. تسري مع الدماء بشراييني ولا أستشعرك.. تحملك خطاي الى البعيد حيث تريد ولا أدري.. تمد كفك من خلالي لتهادن الزمان.‏
أخفيك في عيني فتستقر في الننى.. أرى من خلالك الناس والأشياء.. أتحمل عنك كل الخطايا.. أستغفر الله للشيطان عن كل الذنوب.. أحمل على عاتقي خطايا البشر.. أشعر كأني النبي المنتظر.‏
أخفيك في عيني فتستقر بالننى .. تتغير كل الأحلام.. يتغير مذاق الأشياء.. تتجمل الصحارى.. تعذب مياه البحار..‏
يختفي العذاب من الوجود.. يتغير الوجود.. تختفي السحب السوداء من السماء.. يتغير لون السماء.. تضحك النجوم وينمو القمر.. تحلو الحياة لأني أخيرا أراها من خلالك.‏
أخفيك في عيني فتهرب مني.. تتبدل الحياة.. يلف الضباب مدينتي.. يتوه مني الأفق.. تظلم الشمس.. يسود لون السماء.. تهرب النجوم.. يموت القمر.‏
أبحث عن خطيئتك بين العيون.. أسافر في عينيك ليل طويل.. تلفظني أرضك وتغرقني بحارك وترفضني الشواطىء.‏
أبحث عن خطيئتك بين العيون.. تختلط المشاعر.. تتشابك الطرق أمامي وتتشعب.. يضيق حولى المكان.. تطول الى المدى لحظات الانتظار العقيمة.. تتزاحم الأحزان العنيدة أمام عيني.. تحترق الأوراق ويجف المداد.. تعصاني الكلمات وتتمرد الحروف على الصولجان.. يسقط عن رأسي تاج المعرفة.. تحوم حولي فراشات سوداء تنذرني بنهاية عهد الأفراح الذي لم يبتدىء.. تمتلىء السماء بالغربان تنتظر جيفة ما.. تعلو أمواج البحر وتطغى على الشاطىء.. إعصار الخطيئة يخطفني ويبعدني عن ملائكتي التي تحميني.. يضيق بي لحدي.. يعتصرني.. يمزق أضلعي فتبكي السماء على قدرى.‏