مينا قرانا عضو جديد
العمر : 41 عدد المساهمات : 10
اعلان ممول
| موضوع: الرغبة في تملك الفتاة الإثنين يوليو 05, 2010 10:45 am | |
| الرغبة في التملكمينا قرانا - منقول من كتاب ملحمة البحث عن النصف الآخر للأب يوسف جزراوي هُناك قصة قصيرة للكاتب والروائي الفرنسي دي.جي. موباسان(ت1893) تسمى المجهول وهي من أجمل القصص التي كتبها، حتّى أنها فاقت شهرتها قصته الشهيرة (العقد). "المجهول"، تعد واحدة من أجمل القصص القصيرة الراسخة في ذاكرتي. بطل الرواية شاب يعيش في باريس، لديه حبّ لتملك الأشياء الجميلة. ذات يوم رأى فتاة جميلة ساحرة المفاتن، فجذبته بشدة، تبعها حتّى ركبت عربة ثم اختفت عن أنظاره. انطبعت صورتها الفاتنة في مُخيلته، وظلّت رغبة إمتلاكها والتعرّف عليها تكبر معه. بعد عدة شهور قابلها ثانية في الشارع، فأثارت فيه الرغبة في أن يتملكها من جديد، لكنّه فقدها وأضاعها مرة ثانية. ذات صباح وجدها تسير في الشارع، فأصطدم بها حرشةً، حينها أنتهز الفرصة ليتحدث إليها مُعبرًا عن اعجابه، ورغبته في التعرف عليها، وأن يقضيا ما تبقى من حياتهما معًا. دُهشت الفتاة، وتقبلت الأمر بهدوء، ووعدته بأنها ستأتي لزيارته صباح الأحد القادم. مضت الأيام ووصلت الفتاة في الموعد المُتفق عليه، وبعد ساعات من الحديث الذي دار بينهما، راح الشاب يدغدغ عواطف الفتاة بكلمات معسولة، فأقترب منها وعلى الفور حاول أن يخلع ملابسها، لكنّها فضلت أن تقوم بهذا العمل بنفسها. طلبت من الشاب أن يدر وجهه لكي تخلع ملابسها، ثم يبدأن يتعانقان حُبًّا. وبينما كانت الفتاة تخلع ثيابها ألقى الشاب نظرة عليها مُتلصصًا من وراء كتفه، فرأى علامة سوداء في كتفيها، كتلة كثيفة من الشعر. حينها توقفت على الفور رغبته في مضاجعتها وإمتلاكها وبسط نفوذه عليها! أستمرت الفتاة عارية أمامه، لكنّه فقد رغبته في مُضاجعة الفتاة التي سحرته بجمالها ورشاقة جسدها، ولم يعد يرغب بها ثانيةً! فغادر منزله ذاهبًا للسير في شوارع المدينة! يذكُر الشابّ في القصة:"لقد علقتُ الفتاة المجروحة معي، فحينما شرعت تخلع ملابسها، كان من المُفترض عليَّ أن أُغني أغنية الحبّ حتّى نبتدئ أن نتعانق حبًّا، ومن ثم نُقبل بعضنا البعض إلى أن نلتصق معًا، لم يكن لديَّ ما أنشده..شيئًا ما قد حدث! الفتاة التي تمنيت رؤيتها، وحلمت بها، كانت اليوم عارية أمامي، وما أن خلعت أخر قطعة من ثيابها، حتّى توقفت فيّ كل الرغبات..فذهبتُ مسرعًا إلى الخارج! لم أجد سببًا لوضعي في هذا الموقف المحرج، فغادرتُ". وحين قابلها في نفس الشارع بعد ذلك، تجاهلت تحيته، وشعر بالرغبة بها ثانية! لكن بالطبع لم تُتاح له فرصة أخرى. وهكذا تنتهي القصة بطابع تراجيدي! ربّما سيتسأل القارئ: ما المعنى من هذه القصة؟ ولماذا فشل الشابّ في أن يحقق الرغبة التي تمناها مع الفتاة، رغبة لازمته شهور طوال، وما أن تحققت، وقف عاجزًا مُتفرجًا لا يرغب في تحقيقها؟ يجب أن نُلاحظ أولاً، أن رغبته فيه كانت رغبة جسدية، غريزية محضة. لا تتعدى في رغبة الحصول على شيء جميل لتكون ضمن الأشياء الجميلة التي تعوَّد أن يتملكها ويلهو ويتمتع بها. فكينونتها وشخصيتها وكرامتها الإنسانية لم تكن تهمه، بقدر ما كان يهمهُ إمتلاك جسدها الجميل وأحتلاله ليُطفي فيه نار الغريزة. كان هذا هو هدفه من تلك العلاقة! فالمحرك كان إذاً شهوة خالصة، ورغبة أنانية، لذلك فرغ اللقاء من معانيه الإنسانية والروحية، فخفت وهج العلاقة منذ بدايتها، فأنطفئ وميضُها إلى الأبد.ثانيًا: حين أصطدم بها وكلمها في الشارع، مُصارحًا إياها. كان يأمل أن تُعطيه عنوانها لكي يزورها، وهنا ستكون أول خطوة في الفوز بإمتلاكها في عقر دارها (بيتها ثم فراشها)، لكنّها عرضت عليه أن تزوره. وهكذا تلقى الصدمة الأولى. أما الصدمة الثانية، حين لم يستطع أن يتصور أن تلك الفتاة الساحرة الجمال في مظهرها، تمتلك كتلة من الشعر الاسود على كتفيها. وهكذا لم يستطع تقبّل الفتاة كما هي، بل كان يريدها كما تصور وخطط له! لقد شاهد بكتفها ما لم يكن في حسبانه وتخيلاته. فكانت تلك النهاية الجريحة لكلا الطرفين. لو عكسنا هذه القصة على واقع بعض الزيجات والسبُل والدوافع التي أدت إليها، سنجد الكثير من أوجه الشبه. فكَم وكَم من زواج حصل كان بدايته بمشاهدة أحد الطرفين للطرف الثاني بواسطة (شريط فيديو) أو صورة،فُيُعجب بمظاهرها الخارجية الجسدية، ويقف عند حدود أسوارها، ثم يتبادل الأهل أطراف الحديث، ويتعارف الطرفان على بعضهما من خلال الأنترنيت أو الحديث عبر الهاتف..ثم يجتمعان في أحد البلدان ويتم الزواج بسرعة. لاحظوا أليست الرغبة هي ذات الرغبة، وقبول الطرف الآخر أليس مُشابهًا لقبول الفتاة الواردة في قصة موباسان، الذي كان قبولاً مبنيًا على السرعة والدهشة وسطحية التفكير.وكَم صادفتُ أنا وبعض أخوتي الكهنة فتيات يقبلنّ بزيجات سريعة غير مُتكافئة على الصعيد الفكري والثقافي.. ولاسيّما فرق السنّ. وأقص عليكم هذه القصة: شاهدها للوهلة الأولى في فيلم زواج أحد أصدقاءه،أُعجب بها، لوسامتها وجمالها، فتكوّنَت لديه رغبة عارمة في امتلاكها،لا بل كي أكون صريحًا،إنه حلم بُمعاشرتها، فقد آثارت غريزته، وبعد توسلات وتوسطات ومُعاناة تزوج منها! ولما أنقضت أيام أجازته الزوجية في الشام، بعد أن أشبع لذته وأفرغ فيها طاقاته وغريزته،أدرك أنه في مأزق من الصعوبة الخروج منه، فقصدني يطلب المُساعدة، ليُصارحني، أنه لم يعد يطيقها، وهو لم يتزوجها عن حبّ وقناعة، بل ليُشبع رغبات وحاجات في نفسه! سافر الشاب عائدًا إلى بلاده، وكلّ ما طفح به الكيل، جاء إلى الشام، ليصب جمّ شهوته في تلك الإنسانة المسكينة التي كان من المُفترض أن ينظر إليها كزوجة، وليس كإداة مُتعة! وأخيرًا أدركت الفتاة أنها كان ضحية شهوة رجل.. وإلى اليوم لاتزال الفتاة في الشام، لأن زوجها لايمتلك جنسية البلد الذي يُقيم فيه، فلم يتمكن من إتمام مُعاملة قدومها إليه. وإلى لحظات كتابة هذه الصفحات من هذا الكتاب ملف قضيتها (بطلان الزواج) التي تقدمت بها الزوجة وذويها إلى المحكمة الكنسية الكاثوليكية في دمشق، يعلو رفوف إحدى قاعات المحكمة. واليكم هذه الحادثة المُعبرة:فتاة هي في منتصف الثلاثينات من العُمر. سهوًا تعرفت عليه، وعشقته في بلاد الغربة-هولندا، يحمل شكل وعادات ومُواصفات فارس الأحلام، لذا رسمته على خارطة حبّها المقدس، فإرتبطا على عجلة من الآمر. قلتُ لها ولما هذا الأستعجال؟! قالت:"الرجل رحمة حتّى لو كان فحمة". ولم تمضِ أيام قلائل من زواجهما لتنصدم بواقع مُغاير، وكأنها تعيش مع شخص آخر! ومع حلول أول فيضان عنيف في حياتهما، إكتشفت أنه يُفضل الهرب والانسحاب، جاعلاً منها واحة يسترخي فيها متى ما شاء، ومع الأسابيع الأولى من زواجهما لمست لمسَ اليد إنه يحبّ ذاته من خلالها، وأنه لا يصلح لأن يكون ربّ أُسرة! فبكت بلوعة وندم، وصارحتني أنها تُفضل الإنفصال على أن تعيش حياة تعيسة..فأدركت اختنا أن في العجلة الندامة، ولكن بماذا يُفيد الندم! وكنتُ أيضًا شاهدٌ عيان على زيجات حدثت خلال اسبوع أو أسبوعين..إذ يأتي شابّ من دول الغرب ليرتبط بفتاة صغيرة السنّ،مُتعلمة، جميلة المظهر، دمثة الأخلاق..ليشتريها بحفنة دولارات بعد أن تعهد بأن يسحبها لبلاده ويغدق على عائلتها بعض الدولارات، علّها تنفعهم في الغربة. وأتسأل: أليس الزواج علاقة، قرار واعٍ يُبنى على أساس الحُبّ المُتبادل، يسبقه استعدادًا عاطفيًا وفكريًا، وتكافئًا بين الطرفين؟ أليس الشابّ والشابة بحاجة لسقف زمني ليتعرفا على بعضهما البعض، ليتكلل زواجهما بالنجاح؟ لكن أسفي على هذا الزمن الذي بات فيه الأب يبيع إبنته لأغراض مادية ووصولية..وأسفي على بعض الشباب والشابات الذين باتوا ينظرون إلى الزواج كوسيلة للهروب من واقع إلى واقع أخر، عله يكون أفضل. ولكن الخبرة أثبتت لنا، أن مثل تلك الزيجات كان عُمرها قصيرًا وأُسدلَ الستارُ على نهايتها سريعًا. |
|
جولي عضو ناشط
عدد المساهمات : 692
اعلان ممول
| موضوع: رد: الرغبة في تملك الفتاة الأربعاء يوليو 07, 2010 4:04 am | |
| شكرا الج اخت مينا عالموضوع الجميل والمفيد وتحياتي للاب يوسف جزراوي على كتاباته الرائعة
واشكر تواجدج بالمنتدى نورتي
تحياتي
|
|
yona عضو ناشط
العمر : 41 عدد المساهمات : 1366
اعلان ممول
| موضوع: رد: الرغبة في تملك الفتاة الخميس يوليو 08, 2010 2:19 am | |
| شكرا عزيزتي مينا للموضوع القيم عاشت اناملك الذهبية وننتظر منك كل الابداع ... تحياتي لك |
|